ثم ساق - سبحانه - جانبا من قصة إلياس - عليه السلام - وهو أيضاً من ذرية إبراهيم وإسحاق ، فقال - تعالى - :
{ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ . . . } .
إلياس - عليه السلام - هو ابن فنحاص بن العيزار بن هارون - عليه السلام - فهو ينتهى نسبه - أيضا - إلى إبراهيم وإسحاق .
ويعرف إلياس فى كتب الإِسرائيليين باسم { إيليا } وقد أرسله الله - تعالى - إلى قوم كانوا يعبدون صنما يسمونه بعلا .
ويقال : إن رسالته كانت فى عهد " آخاب " أحد ملوك بنى إسرائيل فى حوالى القرن العاشر ق م .
والمعنى : { وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المرسلين } الذين أرسلناهم إلى الناس ليخرجوهم من ظلمات الكفر إلى نور الإِيمان .
وتعقب تلك اللمحة لمحة مثلها عن إلياس ، والأرجح أنه النبي المعروف في العهد القديم باسم إيلياء . وقد أرسل إلى قوم في سورية كانوا يعبدون صنماً يسمونه بعلاً . وما تزال آثار مدينة بعلبك تدل على آثار هذه العبادة .
وإن إلياس لمن المرسلين . إذ قال لقومه ألا تتقون ? أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين . الله ربكم ورب آبائكم الأولين ? فكذبوه فإنهم لمحضرون . إلا عباد الله المخلصين . وتركنا عليه في الآخرين . سلام على إلياسين . إنا كذلك نجزي المحسنين . إنه من عبادنا المؤمنين . .
و { إلياس } نبي من أنبياء الله تعالى ، قال قتادة وابن مسعود : هو إدريس عليه السلام ، وقالت فرقة : هو من ولد هارون عليه السلام ، قال الطبري هو إلياس بن نسي بن فنحاص بن ألعيزار بن هارون ، وقرأ الجمهور من القراء «وإن إلياس » بهمزة مكسورة ، وهو اسم ، وقرأ ابن عامر وابن محيصن وعكرمة والحسن والأعرج «وإن الياس » بغير همز بصلة الألف ، وذلك يتجه على أحد وجهين : إما أن يكون حذف الهمزة كما حذفها ابن كثير من قوله تعالى { إنها لحدى الكبر }{[1]} [ المدثر : 35 ] أراد «لإحدى » فنزل المنفصل منزلة المتصل ، كما قد ينزل في كثير من الأمور ، والآخر أن يجعلها الألف التي تصحب اللام للتعريف كاليسع ، وفي مصحف أبي بن كعب «وإن ايِليَس » بألف مكسورة الهمزة وياء ساكنة قبل اللام المكسورة وياء ساكنة بعدها وسين مفتوحة ، وكذلك في قوله «سلام على إيليس » ، وقرأ نافع وابن عامر على «آل ياسين » وقرأ الباقون «سلام على إلياسين » بألف مكسورة ولام ساكنة ، قرأ الحسن وأبو رجاء «على الياسين » موصولة فوجه الأولى أنها فيما يزعمون مفصولة في المصحف فدل ذلك على أنها بمعنى أهل و «ياسين » اسم أيضاً ل { إلياس } وقيل هو اسم لمحمد صلى الله عليه وسلم ووجه الثانية أنه جمع إلياسي كما قالوا أعجمي أعجميون ، قال أبو علي : والتقدير إلياسين فحذف كما حذف من أعجميين ، ونحوه من الأشعريين والنمريين والمهلبين{[2]} ، وحكى أبو عمرو أن منادياً نادى يوم الكلاب ، هلك اليزيدون{[3]} ، ويروي قول الشاعر :
* قدني من نصر الخبيبين قدي . . . . . . {[4]}*
بكسر الباء الثانية نسبة إلى أبي خبيب ، ويقال سمي كل واحد من آل ياسين إلياس كما قالوا شابت مفارقه فسمي كل جزء من المفرق مفرقاً ، ومنه قولهم «جمل ذو عثانين »{[5]} ، وعلى هذا أنشد ابن جني : [ الرجز ]
مرت بنا أول من أموس . . . تميس فينا مشية العروس{[6]}
فسمى كل جزء من الأمس أمس ثم جمع ، وقال أبو عبيدة لم يسلم على آل أحد من الأنبياء المذكورين قبل فلذلك ترجح قراءة من قرأ «إلياسين » إذ هو اسم واحد له ، وقرأ ابن مسعود والأعمش «وإن إدريس لمن المرسلين » و «سلام على إدريس » وروى هذه القراءة قطرب وغيره وإن إدراسين وإدراس لغة في إدريس كإبراهيم وإبراهام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.