قال تعالى{[57673]} : { وإن إلياس لمن المرسلين } .
قال ابن إسحاق : وهو إلياس{[57674]} بن{[57675]} ياسين بن فنحاص بن العزار بن هارون بن عمران{[57676]} . وكان إلياس من سبط{[57677]} يوشع بن نون بعثه الله تعالى{[57678]} إلى أهل بعلبك{[57679]} وكانوا يعبدون صنما{[57680]} يقال له بعل .
وقيل : هو إدريس : قاله قتادة{[57681]} .
والمعنى : إنه{[57682]} لمن الذين أرسلهم الله{[57683]} إلى الخلق ، فقال لقومه : ألا تتقون الله فتخافون عقابه على عبادتكم ربا غيره و{[57684]} هو قوله : { أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين } .
والبعل : الرب لغة أهلل اليمن مشهورة قاله عكرمة ومجاهد وقتادة والسدي{[57685]} .
وروي ذلك عن ابن عباس{[57686]} وقال الضحاك : هو صنم لهم يسمى بعلا{[57687]} .
وقال ابن زيد : هو صنم كانوا يعبدونه ببعلبك مدينة وراء دمشق{[57688]} .
وقيل : إن بعلا تيس كانوا يعبدون .
وقال ابن إسحاق : بلغني أن بعلا امرأة كانوا يعبدونهان دون الله جل ذكره{[57689]} .
قال وهب بن منبه : بعث الله{[57690]} إلياس إلى بني إسرائيل حين نسوا ما عهد الله{[57691]} إليهم حتى نصبوا{[57692]} الأوثان وعبدوها من دون /الله{[57693]} فجعل إلياس يدعوهم إلى الله عز وجل وجعلوا لا يسمعون منه شيئا . وكان له ملك{[57694]} من ملوك بني إسرائيل يطيعونه يقال له : جاب وكان إلياس يقرب من الملك ، وكان الملك يطيع إلياس فيما{[57695]} يقول له ويراه الناس على هدى وكانت ملوك بني إسرائيل قد افترقت في البلاد وأخذ كل واحد ناحية يأكلها{[57696]} ويعبدون الأصنام فقال الملك يوما لإلياس : والله ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلا ، والله ما أرى فلانا{[57697]} وفلانا يذكر ملوكا من ملوك بني إسرائيل إلا قد عبدوا الأوثان من دون الله{[57698]} وهم على{[57699]} نحو ما نحن عليه من النعيم{[57700]} يأكلون ويشربون ويتنعمون مملكين ، ما تنقص دنياهم عبادتهم الأوثان التي تزعم أنها باطل وما نرى لنا عليهم من فضل ، فعظم الأمر على إلياس ، واقشعر جلده وخرج عنه ، ففعل ذلك الملك فعل أصحابه وعبد الأوثان ، فقال إلياس : اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر بك والعبادة لغيرك فغير ما بهم من نعمة .
أو كما قال{[57701]} .
قال{[57702]} ابن إسحاق : فذكر لنا أنه أوحي إليه أنا قد جعلنا أمر أرزاقهم بيدك وإليك حتى تكون أنت الذي تأذن في ذلك . فقال إلياس : اللهم أمسك عنهم القطر ، فحبس عنهم ثلاث سنين حتى هلكت الماشية والدواب والشجر ، وجهد الناس جهدا شديدا وكان إلياس حين دعا عليهم قد استخفى{[57703]} شفقا على نفسه منهم . وكان{[57704]} حيث ما كان وضع له رزق وكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في دار أو بيت قالوا : قد دخل إلياس هذا المكان{[57705]} فطلبوه ولقي أهل ذلك المنزل شرا .
ثم إنه أوى ليلة إلى امرأة من بني إسرائيل لها ابن يقال له : اليسع ابن أخطوب به ضر ، فآوته وأخفت أمره فدعا إلياس لابنها فعوفي من الضر الذي كان به واتبع اليسع إلياس . فآمن به وصدقه ولزمه ، وكان يذهب معه حيث ما ذهب وكان إلياس قد أسن وكبر ، وكان اليسع غلاما شابا ، فذكر أن الله جل ذكره أوحى إلى إلياس : إنك قد أهلكت خلقا كثيرا بخطايا بني إسرائيل من البهائم والدواب والطير والهوام والشجر . فذكر والله أعلم أن إلياس قال : أي رب دعني أكن أنا الذي أدعوا لهم به ، وأكن أنا الذي آتيهم بالفرج مما هم فيه من البلاء الذي أصابهم لعلهم يرجعون عن عبادة غيرك ، فقيل له : نعم ، فأتى إلياس إلى بني إسرائيل ، فقال لهم : إنكم قد هلكتم جهدا وهلكت البهائم والدواب والطير والشجر بخطاياكم وإنكم على باطل وغرور ، أو كما قال لهم ، فإن كنتم تحبون علم{[57706]} ذلك وتعلمون أن الله{[57707]} عليكم ساخط فيما أنتم عليه ، والذي أدعو لكم إليه الحق ، فاخرجوا بأصنامكم هذه التي تعبدونها{[57708]} وتزعمون أنها خير مما أدعوكم إليه ، فإن استجابت لكم فذلك كما تقولون فإن{[57709]} هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل فنزعتم{[57710]} ودعوت الله{[57711]} يفرج عنكم ما أنتم فيه من البلاء ، قالوا : أنصفت ، بأوثانهم وما يتقربون إلى الله{[57712]} من أحداثهم ، فدعوها فلم تستجب لهم ولم تفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء ، فعرفوا ما هم فيه من الضلال والباطل ، فقالوا لإلياس : يا إلياس إنا قد هلكنا ، فادع{[57713]} الله لنا ، فدعا{[57714]} إلياس لهم بالفرج مما هم فيه ، وأن يسقوا ، فخرجت سحابة مثل الترس بإذن الله{[57715]} ، على ظهر البحر وهم ينظرون ، ثم ترامى إليهما السحاب ثم أدحيت{[57716]} ، ثم أرسل الله المطر فأغاثهم فحييت بلادهم وفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء ، فلم يرجعوا ولا نزعوا ، وأقاموا على ما كانوا عليه ، فلما رأى ذلك إلياس من كفرهم ، دعا ربه يقبضه إليه فيريحه منهم ، فذكر أن الله عز وجل أوحى إليه : أخرج{[57717]} إلى بلد كذا وكذا فما جاءك من شيء فاركبه ولا تهبه ، فخرج إلياس وخرج معه اليسع حتى إذا كانا بالبلد الذي ذكر له في المكان الذي أمر به أقبل فرس من نار حتى وقف بين يديه ، فوثب عليه فانطلق به فناداه{[57718]} اليسع يا إلياس يا إلياس{[57719]} ما تأمرني به ؟ ما تأمرني به ؟ فكان آخر عهدهم به فكساه الله{[57720]} الريش ، / وألبسه النور ، / وقطع{[57721]} عنه لذة المطعم والمشرب وكان في الملائكة إنسيا ملكيا أرضيا سماويا{[57722]} .
قال أبو محمد{[57723]} رضي الله عنهم : وهذا الخبر إذا صح فإنما يصح على قول من قال : إنه إدريس صلى الله عليه وسلم{[57724]} لقوله تعالى ذكره في إدريس : { ورفعناه مكانا عليا{[57725]} } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.