التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} (5)

{ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا } أى : أن ما يحدث للأرض يومئذ ، إنما هو بأمر إلهى خاص . بأن قال لها : كونى كذلك ، فكانت كما قال لها .

وعدى فعل " أوحى " باللام مع أن حقه أن يتعدى بإلى كما فى قوله - تعالى - { وأوحى رَبُّكَ إلى النحل } لتضمينه معنى " قال " كما فى قوله - سبحانه - { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } ، والمعنى : إن الأرض تحدث الناس عن أخبارها ، وتبينها لهم ، وتشهد عليهم . . . بسبب أن ربك الذى خلقك فسواك فعدلك - أيها الإِنسان - قد أمرها بذلك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} (5)

لقد كان ما كان لها( بأن ربك أوحى لها ) . . وأمرها أن تمور مورا ، وأن تزلزل زلزالها ، وأن تخرج أثقالها ! فأطاعت أمر ربها( وأذنت لربها وحقت ) . . تحدث أخبارها . فهذا الحال حديث واضح عما وراءه من أمر الله ووحيه أليها . .

وهنا و " الإنسان " مشدوه مأخوذ ، والإيقاع يلهث فزعا ورعبا ، ودهشة وعجبا ، واضطرابا ومورا . . هنا و " الإنسان " لا يكاد يلتقط أنفاسه وهو يتساءل : مالها مالها ? هنا يواجه بمشهد الحشر والحساب والوزن والجزاء :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} (5)

{ بأن ربك أوحى لها } أي تحدث بسبب إيحاء ربك لها بأن أحدث فيها ما دلت على الأخبار ، أو أنطقها بها ، ويجوز أن يكون بدلا من إخبارها ، إذ يقال : حدثته كذا وبكذا ، واللام بمعنى إلى ، أو على أصلها ؛ إذ لها في ذلك تشف من العصاة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} (5)

وقوله تعالى : { بأن ربك أوحى لها } الباء باء السبب ، وقال ابن عباس وابن زيد والقرظي : المعنى : { أوحى لها } ، وهذا الوحي على هذا التأويل يحتمل أن يكون وحي إلهام ، ويحتمل أن يكون وحياً برسول من الملائكة ، وقد قال الشاعر :

أوحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثبت{[11937]}

والوحي في كلام العرب إلقاء المعنى إلقاء خفياً ، وقال بعض المتأولين : { أوحى لها } معناه : { أوحى } إلى ملائكته المصرفين أن تفعل في الأرض تلك الأفعال ، وقوله تعالى : { لها } بمعنى : من أجلها ، ومن حيث الأفعال فيها فهي لها .


[11937]:هذان بيتان من الرجز قالهما العجاج يصف الأرض، وهما مع القصيدة في الديوان، وفي كتاب (شعراء النصرانية بعد الإسلام) وفي مجاز القرآن، والبحر المحيط، والقرطبي، وروح المعاني وفي الأغاني، لكن الألفاظ وترتيب الأبيات يختلف عما هنا، وقد ذكر صاحب الأغاني أن العجاج أنشد أبا هريرة قوله الذي وصف فيه الخالق سبحانه وأعماله ويوم الحساب وأهواله، فقال له أبو هريرة: أشهد أنك تؤمن بيوم الحساب، والأبيات هي: الحمد لله الذي تعلت بأمره السماء واستقلت بإذنه الأرض وما تعنت أرسى عليها بالجبال الثبت وحى لها القرار فاستقرت رب البلاد والعباد الُقَّنِت والشاهد هنا أن (وحى لها) و (أوحى لها) بمعنى: أوحى إليها، لأن العرب تضع اللام موضع "إلى".