التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (14)

وقوله - سبحانه - { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرسل فَحَقَّ عِقَابِ } استئناف مقرر لما قبله من تكذيب هؤلاء الأقوام لرسلهم ، وبيان للأسباب التى أدت إلى عقاب المكذبين .

و " إن " هنا نافية ، ولا عمل لها لانتقاض النفى بإلا . و " إلا " أداة استثناء مفرغ من أعم الصفات أو الأحكام : وجملة { كَذَّبَ الرسل } فى محل رفع خبر " كل " .

أى : ليس لهؤلاء الأقوام من صفات سوى تكذيب الرسل ، فكانت نتيجة هذ التكذيب أن حل بهم عقابى وثبت عليهم عذابى . الذى دمرهم تدميرا .

والإِخبار عن كل حزب من هذه الأحزاب بأنه كذب الرسل ، إما لأن تكذيب كل حزب لرسوله يعتبر من باب التكذيب لجميع الرسل لأن دعوتهم واحدة ، وإما من قبيل مقابلة الجمع بالجمع ، والمقصود تكذيب كل حزب لرسوله .

وقد جاء تكذيبهم فى الآية السابقة بالجملة الفعلية { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ . . . } وجاء فى هذه الآية بالجملة الأسمية : لبيان إصرارهم على هذا التكذيب ، ومداومتهم عليه ، وإعراضهم عن دعوة الرسل لهم إعراضا تاما .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (14)

فماذا كان من شأنهم وهم طغاة بغاة متجبرون ? . . ( فحق عقاب ) . . وكان ما كان من أمرهم . وذهبوا فلم يبق منهم غير آثار تنطق بالهزيمة والاندحار !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (14)

فجعل علة هلاكهم هو تكذيبهم بالرسل فليحذر المخاطبون من ذلك أشد الحذر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (14)

وجملة { إن كلٌّ إلا كذَّبَ الرسل } مؤكدة لجملة { كذَّبتْ قبلهم قوم نوح } إلى قوله : { وأصحابُ لَيْكَةِ } ، أخبر أوَّلاً عنهم بأنهم كذبوا وأُكد ذلك بالإِخبار عنهم بأنهم ليسوا إلاّ مُكذبين على وجه الحصر كأنهم لا صفة لهم إلا تكذيب الرسل لتوغلهم فيها وكونها هِجِّيراهم . و { إنْ } نافية ، وتنوين { كل } تنوين عوض ، والتقدير : إنْ كُلُّهم .

وجيء بالمسند فعلاً في قوله : { كذَّبَ الرُّسُلَ } ليفيد تقديمُ المسند إليه عليه تخصيصَ المسند إليه بالمسند الفعلي فحصل بهذا النظم تأكيد الحصر .

وتعدية { كذَّبَ } إلى { الرُّسُلَ } بصيغة الجمع مع أن كل أمة إنما كذبت رسولها ، مقصود منه تفظيع التكذيب لأن الأمة إنما كذّبت رسولها مستندة لحجة سفسطائية هي استحالة أن يكون واحد من البشر رسولاً من الله فهذه السفسطة تقتضي أنهم يكذبون جميع الرسل . وقد حصل تسجيل التكذيب عليهم بفنون من تقوية ذلك التسجيل وهي إبهام مفعول { كَذَّبَتْ } في قوله : { كذَّبتْ قبلهم } ثم تفصيله بقوله : { إلاَّ كذَّبَ الرُّسُلَ } وما في قوله : { إن كلٌّ إلاَّ كذَّبَ الرُّسُلَ } من الحصر ، وما في تأكيده بالمسند الفعلي في قوله : { إلاَّ كذَّبَ } ، وما في جعل المكذَّب به جميعَ الرسل ، فأنتج ذلك التسجيلُ استحقاقهم عذاب الله في قوله : { فَحَقَّ عِقَابِ } ، أي عقابي ، فحذفت ياء المتكلم للرعاية على الفاصلة وأبقيت الكسرة في حالة الوصل .

وحق : تحقق ، أي كان حقّاً ، لأنه اقتضاه عظيم جُرمهم . والعقاب : هو ما حلّ بكل أُمة منهم من العذاب وهو الغرق والتمزيق بالريح ، والغرقُ أيضاً ، والصيحة ، والخسف ، وعذاب يوم الظِّلة .

وفي هذا تعريض بالتهديد لمشركي قريش بعذاببٍ مثل عذاب أولئك لاتحادهم في موجِبِه .