وقوله تعالى : { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرسل } استئناف جيءَ به تقريراً لتكذيبهم على أبلغ وجه وتمهيداً لما يعقبه ، فإن نافية ولا عمل لها لانتقاض النفي بإلا ، و { كُلٌّ } مبتدأ والاستثناء مفرغ من أعم العام وهو الخبر أي ما كل حزب من الأحزاب محكوماً عليه بحكم إلا محكوماً عليه بأنه كذب الرسل أو مخبراً عنه بخبر إلا مخبراً عنه بأنه كذب الرسل لأن الرسل يصدق كل منهم الكل وكلهم متفقون على الحق فتكذيب كل واحد منهم تكذيب لهم جميعاً ، وجوز أن يكون من مقابلة الجمع بالجمع أي ما كلهم محكوماً عليه بحكم أو مخبراً عنه بشيء إلا محكوماً عليه أو إلا مخبراً عنه بأنه كذب رسوله ، والحصر مبالغة كأن سائر أوصافهم بالنظر إلى ما أثبت لهم بمنزلة العدم فيدل على أنهم غالون في التكذيب ، ويدل على غلوهم فيه أيضاً إعادته متعلقاً بالرسل وتنويع الجملتين إلى اسمية استثنائية وغيرها أعني قوله تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } [ ص : 12 ] الخ ، وجعل كل فرقة مكذبة للجميع على الوجه الأول ، ويسجل ذلك عليهم استحقاقهم أشد العقاب ولذا رتب عليه قوله تعالى : { فَحَقَّ عِقَابِ } أي ثبت ووقع على كل منهم عقابي الذي كانت توجبه جناياتهم من أصناف العقوبات فأغرق قوم نوح وأهلك فرعون بالغرق وقوم هود بالريح وثمود بالصيحة وقوم لوط بالخسف وأصحاب الأيكة بعذاب الظلة . وجوز أن يكون { أُوْلَئِكَ الاحزاب } [ ص : 13 ] بدلاً من الطوائف المذكورة والجملة بعد مستأنفة لما سمعت وأن يكون مبتدأ والجملة بعده خبر بحذف العائد أي أن كل منهم أو كلهم إلا كذب الرسل ، والمجموع استئناف مقرر لما قبله مع ما فيه من بيان كيفية تكذيبهم وكلاهما خلاف الظاهر ، وأما ما قيل من أنه خبر والمبتدأ قوله تعالى : { وَعَادٌ } [ ص : 12 ] الخ أو قوله تعالى : { وَقَوْمُ لُوطٍ } [ ص : 13 ] الخ فمما يجب تنزيه ساحة التنزيل عن أمثاله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.