محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (14)

{ إن كل إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } أي : فوجبت عليهم عقوبتي . قال الشهاب : { إن } نافية و { كل } محذوف الخبر . والتفريغ من أعمّ العام . أي ما كل أحد مخبر عنه بشيء ، إلا مخبر عنه بأنه كذب جميع الرسل . لأن الرسل يصدق كل منهم الكل . فتكذيب واحد منهم تكذيب للكل . أو على أنه من مقابلة الجمع بالجمع . فيكون كل كذب رسوله . أو الحصر مبالغة . كأن سائر أوصافهم بالنظر إليه ، بمنزلة العدم . فهم غالون فيه . انتهى .

وقال الزمخشري : وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه ، والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا ، وبالاستثنائية ثانيا ، وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص- أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العقاب وأبلغه .

وزاد الناصر فائدة أخرى للتكرير . وهي أن الكلام لما طال بتعديد آحاد المكذبين ، ثم أريد ذكر ما حاق بهم من العذاب جزاء لتكذبيهم ، كرر ذلك مصحوبا بالزيادة المذكورة ، ليلي قوله تعالى : { فحق عقاب } على سبيل التطرية المعتادة عند طول الكلام . وهو كما قدمته في قوله : { وكذب موسى } حيث كرر الفعل ليقترن بقوله : { فأمليت للكافرين } . انتهى .