تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (14)

قوله تعالى : { إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } : يذكر هؤلاء الأحزاب الذين كادوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرهم عن صنيعهم ومعاملتهم الرسل لوجهين :

أحدهما : كيفية معاملة الرسل عليهم السلام أولئك الكفرة مع تكذيبهم إياهم وسوء معاملتهم وصنيعهم مع الرسل وأنواع البلايا التي كانت منهم إليهم ؛ كيف عاملوهم ، وصبروا على أذاهم ليعامل هو قومه مثل معاملتهم قومهم ، ويصبر على أذاهم كما صبر أولئك على أذى قومهم كقوله : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] .

والثاني : يذكر هذا لأهل مكة ، ويحذرهم ما نزل بالأمم المتقدمة بتكذيبهم الرسل وعنادهم وتمردهم معهم ، ليحذروا تكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم وألا يعاملوه كما عامل أولئك رسلهم عليهم السلام فينزل بهم كما نزل بأولئك من العذاب والإهلاك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فحق عقاب } قال بعضهم : أي وجب عليهم عقابي . لكن قوله عز وجل : { فحق عقاب } أي نزل بهم العذاب ، ووقع عليهم ، وإلا كان العذاب واجبا على الكفرة فلا معنى لتخصيصهم .