التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لِّكُلِّ نَبَإٖ مُّسۡتَقَرّٞۚ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (67)

{ لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } .

قال الراغب : " النبأ : خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن ولا يقال للخبر نبأ حق يتضمن هذه الأشياء الثلاثة " .

والمستقر : وقت الاستقرار .

أى : لكل خبر عظيم وقت استقرار وحصول لا بد منه ، وسوف تعلمونه فى المستقبل عند حلوله بكم متى شائ الله ذلك ، قال - تعالى - { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } وبذلك تكون الآيات الكريمة قد ساقت ألوانا من قدرة الله ، وهددت المعاندين فى كل زمان ومكان بسوء المصير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّكُلِّ نَبَإٖ مُّسۡتَقَرّٞۚ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (67)

66

ثم يأمر الله تعالى نبيه [ ص ] أن يبرأ من قومه ، وينفض منهم يده ، وأن يعلنهم بهذه المفاصلة ، ويعلمهم أنه لا يملك لهم شيئا ؛ وأنه ليس حارسا عليهم ولا موكلا بهم بعد البلاغ ، ولا مكلفا أن يهدي قلوبهم - فليس هذا من شأن الرسول - ومتى أبلغهم ما معه من الحق ، فقد انتهى بينه وبينهم الأمر ؛ وأنه يخلي بينهم وبين المصير الذي لا بد أن ينتهي إليه أمرهم . فإن لكل نبأ مستقرا ينتهي إليه ويستقر عنده . وعندئذ يعلمون ما سيكون !

( لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ) . .

وفي هذا الإجمال من التهديد ما يزلزل القلوب . .

إنها الطمأنينة الواثقة بالحق ؛ الواثقة بنهاية الباطل مهما تبجح ، الواثقة بأخذ الله للمكذبين في الأجل المرسوم ، الواثقة من أن كل نبأ إلى مستقر ؛ وكل حاضر إلى مصير .

وما أحوج أصحاب الدعوة إلى الله - في مواجهة التكذيب من قومهم ، والجفوة من عشيرتهم ، والغربة في أهلهم ، والأذى والشدة والتعب والأواء . . ما أحوجهم إلى هذه الطمأنينة الواثقة التي يسكبها القرآن الكريم في القلوب !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِّكُلِّ نَبَإٖ مُّسۡتَقَرّٞۚ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (67)

قال ابن عباس وغير واحد : أي لكل نبأ حقيقة ، أي : لكل خبر وقوع ، ولو بعد حين ، كما قال : { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ } [ ص : 88 ] ، وقال { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } [ الرعد : 37 ] .

وهذا تهديد ووعيد أكيد ؛ ولهذا قال بعده : { وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِّكُلِّ نَبَإٖ مُّسۡتَقَرّٞۚ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (67)

جملة { لكلّ نبأ مستقرّ } مستأنفة استئنافاً بيانياً ، لأنّ قوله { وهو الحق } يثير سؤالهم أن يقولوا : فمتى ينزل العذاب . فأجيبوا بقوله : { لكلّ نبأ مستقرّ } .

والنبأ : الخبر المهم ، وتقدّم في هذه السورة . فيجوز أن يكون على حقيقته ، أي لكلّ خبر من أخبار القرآن ، ويجوز أن يكون أطلق المصدر على اسم المفعول ، أي لكلّ مخبَر به ، أي ما أخبِروا به من قوله : { أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم } [ الأنعام : 65 ] الآية .

والمستقرّ وقت الاستقرار ، فهو اسم زمانِه ، ولذلك صيغ بوزن اسم المفعول ، كما هو قياس صوغ اسم الزمان المشتقّ من غير الثلاثي . والاستقرار بمعنى الحصول ، أي لكلّ موعود به وقت يحصل فيه . وهذا تحقيق للوعيد وتفويض زمانه إلى علم الله تعالى . وقد يكون المستقرّ هنا مستعملاً في الانتهاء والغاية مجازاً ، كقوله تعالى : { والشمس تجري لمستقرّ لها } [ يس : 38 ] ، وهو شامل لوعيد الآخرة ووعيد الدنيا ولكلَ مستقرّ . وعن السّدّي : استقرّ يوم بدر ما كان يَعِدهم به من العذاب .

وعطف { سوف تعلمون } على جملة { لكلّ نبأ مستقرّ } أي تعلمونه ، أي هو الآن غير معلوم وتعلمونه في المستقبل عند حلوله بكم . وهذا أظهر في وعيد العذاب في الدنيا .