التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

ويؤيد هذا القول قوله - تعالى - : { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } أى : فلنخبرنهم بما فعلوا إخبارا ناشئا عن علم منا .

قال بعض العلماء : " والذى يهمنا هنا ، أن نقرر أن هذا السؤال لم يكن سؤال استفهام ولا استخبار ، وإنما هو سؤال تبكيت وتنديد ، فليس في السائل مظنة أن يجهل ، ولا في المسئول مظنة أن ينكر ، وهو تصوير لما يكون من شعور المكذبين بتكذيبهم ، وشعور المرسلين بتبليغهم ، وهو نوع من تسجيل الحجة على من أنكرها وأعرض عنها في الوقت الذي كان يجديه الإققال عليها والإيمان بها ، وهو نوع من زيادة الحسرة ، وقطع الآمال في النجاة بوضع يد المجرم على جسم جريمته ، وهو في الوقت نفسه نوع من زيادة الأمن و الطمأنينة للرسل في القيام بدعوتهم وتبليغهم ما أمروا بتبليغه ، ولعل كل ذلك يرشد إليه قوله - تعالى - : { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

ثم يقص عليهم العليم الخبير كل شيء أحصاه الله ونسوه ! يقصه عليهم - سبحانه - بعلم فقد كان حاضراً كل شيء . وما كان - سبحانه - غائباً عن شيء . . وهي لمسة عميقة التأثير والتذكير والتحذير !

/خ25

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

وقال ابن عباس : { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ } يوضع الكتاب يوم القيامة ، فيتكلم بما كانوا يعملون ، { وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ } يعني : أنه تعالى يخبر عباده يوم القيامة بما قالوا وبما عملوا ، من قليل وكثير ، وجليل وحَقِير ؛ لأنه تعالى شهيد على كل شيء ، لا يغيب عنه شيء ، ولا يغفل عن شيء ، بل هو العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ، { وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

وقوله تعالى : { فلنقصن } أي فلنسردن عليهم أعمالهم قصة قصة ، { بعلم } أي بحقيقة ويقين ، قال ابن عباس : يوضع الكتاب يوم القيامة فيتكلم بما كانوا يعملون .

قال القاضي أبو محمد : يشبه أن يكون الكلام هنا استعارة إذ كل شيء فيه مقيد ، { وما كنا غائبين } أي ما كنا من لا يعلم جميع تصرفاتهم كالغائب عن الشيء الذي لا يعرف له حالاً .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} (7)

الفاء في قوله : { فلنقصن عليهم } للتفريع والتّرتيب على قوله : { فلنسألن } ، أي لنسألنّهم ثمّ نخبرهم بتفصيل ماأجمله جوابهم ، أي فلنقصّنّ عليهم تفاصيل أحوالهم ، أي فعِلْمُنا غَنِي عن جوابهم ولكن السّؤال لغرض آخر .

وقد دلّ على إرادة التّفصيل تنكيرُ علم في قوله : { بعلم } أي علم عظيم ، فإنّ تنوين ( عِلم ) للتعظيم ، وكمالُ العلم إنّما يظهر في العلم بالأمور الكثيرة ، وزاد ذلك بياناً قولُه : { وما كنا غائبين } الذي هو بمعنى : لا يعزب عن علمنا شيء يغيب عنّا ونغيب عنه .

والقَصّ : الاخبار ، يقال : قصّ عليه ، بمعنى أخبره ، وتقدّم في قوله تعالى : { يقص الحقّ } في سورة الأنعام ( 57 ) .

وجملة : { وما كنا غائبين } معطوف على { فلنقصن عليهم بعلم } ، وهي في موقع التّذييل .

والغائب ضدّ الحاضر ، وهو هنا كناية عن الجاهل ، لأنّ الغيبة تستلزم الجهالة عرفاً ، أي الجهالة بأحوال المَغيب عنه ، فإنّها ولو بلغتْه بالأخبار لا تكون تامة عنده مثل المشاهد ، أي : وما كنّا جاهلين بشيء من أحوالهم ، لأنّنا مطّلعون عليهم ، وهذا النّفي للغيبة مثل إثبات المعيَّة في قوله تعالى : { وهو معكم أينما كنتم } [ الحديد : 4 ] .

وإثباتُ سؤال الأمم هنا لا ينافي نفيه في قوله تعالى : { ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون } [ القصص : 78 ] وقوله { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان } [ الرحمن : 39 ] لأنّ المسؤول عنه هنا هو التّبليغ والمنفيَّ في الآيتين الآخريين هو السّؤال لمعرفة تفاصيل ذنوبهم وهو الذي أريد هنا قوله : { وما كنا غائبين } .