التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

{ لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا . . } أى لا يصيبهم صداع أو تعب بسبب شرب هذه الخمر . فعن هنا بمعنى باء السببية .

قوله : { وَلاَ يُنزِفُونَ } أى : ولا تذهب الخمر عقولهم ، كما تفعل خمر الدنيا بشاربيها ، مأخوذ من النزف ، بمعنى اختلاط العقل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

( لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) . . فلا هم يفرقون عنها ولا هي تنفد من بين أيديهم . فكل شيء هنا للدوام والأمان

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

وقوله : { لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزفُونَ } أي : لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم ، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة .

وروى الضحاك ، عن ابن عباس ، أنه قال : في الخمر أربع خصال : السكر ، والصداع ، والقيء ، والبول . فذكر الله خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال .

وقال مجاهد ، وعِكْرِمَة ، وسعيد بن جُبَيْر ، وعطية ، وقتادة ، والسُّدِّيّ : { لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } يقول : ليس لهم فيها صداع رأس .

وقالوا في قوله : { وَلا يُنزفُونَ } أي : لا تذهب بعقولهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

وقوله : { لا يصدعون عنها } ذهب أكثر المفسرين إلى أن المعنى : لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا ، وقال قوم معناه : لا يفرقون عنها ، بمعنى لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب كما يفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق ، وهذا كما قال : «فتصدع السحاب عن المدينة » . . . الحديث{[10892]} .

وقوله : { ولا ينزفون } قال مجاهد وقتادة وابن جبير والضحاك معناه : لا تذهب عقولهم سكراً ، والنزيف : السكران ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]

شرب النزيف ببرد ماء الحشرج . . . {[10893]}

وقرأ ابن أبي إسحاق : «ولا يَنزِفون » بكسر الزاي وفتح الياء ، من نزف البئر إذا استقى ماءها ، فهي بمعنى تم خمرهم ونفذت{[10894]} ، هكذا قال أبو الفتح . وحكى أبو حاتم عن ابن أبي إسحاق والجحدري والأعمش وطلحة وابن مسعود وأبي عبد الرحمن وعيسى : بضم الياء وكسر الزاي . قال معناه : لا يفني شرابهم ، والعرب تقول : أنزف الرجل عبرته ، وتقول أيضاً ، أنزف : إذا سكر ، ومنه قول الأبيرد : [ الطويل ]

لعمري لئن أنزفتمُ أو صحوتمُ . . . لبيس الندامى أنتمُ آل أبجرا{[10895]}


[10892]:هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في المناقب، وأبو داود في الاستسقاء، وأحمد في مسنده(3-261)، عن انس بن مالك رضي الله عنه، والحديث كما جاء في مسند أحمد أن رجلا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وهو يخطب الناس بالمدينة، فقال: يا رسول الله! قحط المطر، وأمحلت الأرض، وقحط الناس، فاستسق لنا ربك، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء وما نرى كثير سحاب، فاستسقى، فنشأ السحاب بعضه إلى بعض، ثم مطروا حتى سالت مشاعب المدينة واضطردت طرقها أنهارا، فما زالت كذلك إلى يوم الجمعة المقبلة ما تُقلع، ثم قام ذلك الرجل أو غيره ونبي الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا نبي الله، ادع الله أن يحبسها عنا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، فدعا ربه، فجعل السحاب يتصدع عن المدينة يمينا وشمالا يُمطر ما حولها ولا يُمطر فيها شيئا).
[10893]:هذا عجز بيت لعمر بن أبي ربيعة، وهو في الديوان، وفي اللسان والتاج، وقال ابن بري:"البيت لجميل بن معمر وليس لعمر بن أبي ربيعة"، ولكنه غير موجود في ديوانه، والبيت مع بيتين قبله كما في اللسان، وديوان ابن أبي ربيعة: قالت: وعيش أبي وحرمة إخوتي لأنبهن الحي إن لم تخرجي فخرجت خوف يمينها فتبسمت فعلمت أن يمينها لم تُحرج فلثمت فاها آخذا بقرونها شرب النزيف ببرد ماء الحشرج والقرون: ضفائر شعرها، والنزيف: السكران، أو الذي جف ريقه من العطش، أو المحموم الذي جف ريقه. والحشرج: الماء الذي يجري على الحصى صافيا، أو كوز صغير يشرب منه، أو النقرة في الجبل يجتمع فيها الماء فيصفو للشرب.
[10894]:جملة تحتاج إلى توضيح، والذي قاله أبو حاتم بعد أن استشهد بكثير من الشعر:"فكأنه سبحانه قال: "لا يصدعون عنها ولا ينزفون عقولهم كما ينزف ماء البئر".
[10895]:أبجر: هو أبجر بن جابر العجلي، وكان نصرانيا، والبيت في الصحاح واللسان والتاج، وبعده يقول الأبيرد: شربتم ومّرتم وكان أبوكم كذاكم إذا ما يشرب الكأس مدّارا والشاهد أن أنزف بمعنى سكر بدليل مقابلتها بقوله: صحا، يقول: سواء سكرتم أو لم تسكروا فأنتم بئس الندامى يا آل أبجر.