التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

و ( أن ) فى قوله - تعالى - : { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } مخففة من الثقيلة . واسمها ضمير الشأن محذوف ، والجملة بدل من صحف موسى وإبراهيم .

وقوله { تَزِرُ } من الوزر بمعنى الحمل . . وقوله { وَازِرَةٌ } صفة لموصوف محذوف . أى : نفس وازرة .

والمعنى : إذا كان هذا الإنسان المتولى عن الحق . . . جاهلا بكل ما يجب العلم به من شئون الدين ، فهلا سأل العلماء عن صحف موسى وإبراهيم - عليهما السلام - ففيها أنه لا تحمل نفس آثمة حمل أخرى يوم القيامة .

قال الآلوسى : وقوله : { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } أى : أنه لا تحمل نفس من شأنها الحمل ، حمل نفس أخرى . . . ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره . ليتخلص الثانى من عقابه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

فماذا في صحف موسى ، وإبراهيم الذي وفى ? فيها :

( ألا تزر وازرة وزر أخرى ) . .

فلا تحمل نفس حمل أخرى ؛ لا تخفيفا عن نفس ولا تثقيلا على أخرى . فلا تملك نفس أن تتخفف من حملها ووزرها . ولا تملك نفس أن تتطوع فتحمل عن نفس شيئا !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

ثم شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال : { أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } أي : كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنما عليها وزرها ، لا يحمله عنها أحد ، كما قال : { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } [ فاطر : 18 ] ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

{ ألا تزر وازرة وزر أخرى } أن هي المخففة من الثقيلة وهي بما بعدها في محل الجر بدلا مما { في صحف موسى } ، أو الرفع على هو أن { لا تزر } كأنه قيل ما في صحفهما ؟ فأجاب به ، والمعنى أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ولا يخالف ذلك قوله : { كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } وقوله عليه الصلاة والسلام ، " من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " فإن ذلك للدلالة والتسبب الذي هو وزره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

وقوله : { ألا تزر وازرة وزر أخرى } يجوز أن يكون بدلاً من ما في صحف موسى وإبراهيم بدلَ مفصَّل من مجمل ، فتكون { أنْ } مخففة من الثقيلة . والتقدير : أم لم ينبَّأ بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى .

ويجوز أن تكون { أَن } تفسيرية فَسَّرت ما في صحف موسى وإبراهيم لأن ما من الصحف شيء مكتوب والكتابة فيها معنى القَول دون حروفه فصلَح « ما في صحف موسى » لأن تفسره { أنْ }التفسيرية . وقد ذكر القرطبي عند تفسير قوله تعالى : { هذا نذير من النذر الأولى } [ النجم : 56 ] في هذه السورة عن السدّي عن أبي صالح قال : هذه الحروف التي ذَكر الله تعالى من قوله : { أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم } إلى قوله : { هذا نذير من النذر الأولى } [ النجم : 56 ] كل هذه في صحف إبراهيم وموسى . و { تزر } مضارع وزر ، إذا فَعَل وِزرا .

وتأنيث { وازرة } بتأويل : نفس ، وكذلك تأنيث { أخرى } ، ووقوع « نفس » و { أخرى } في سياق النفي يفيد العموم فيشمل نفي ما زعمه الوليد بن المغيرة من تحمل الرجل عنه عذاب الله .

وهذا مما كان في صحف إبراهيم ، ومنه ما حكى الله في قوله : { ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } [ الشعراء : 87 89 ] .

وحكي في التوراة عن إبراهيم أنه قال في شأن قوم لوط : « أفتُهلك البارَّ مع الآثم » .

وأما نظيره في صحف موسى ففي التوراة{[399]} « لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء كل إنسان بخطيئته يقتل » . وحكى الله عن موسى قوله : { أتهلكنا بما فعل السفهاء منا } [ الأعراف : 155 ] . وعموم لفظ { وزر } يقتضي اطراد الحكم في أمور الدنيا وأمور الآخرة .

وأما قوله في التوراة{[400]} أن الله قال : « أفتقد الأبناء بذنوب الآباء إلى الجيل الثالث » فذلك في ترتيب المسببات على الأسباب الدنيوية وهو تحذير .

وليس حَملُ المتسبب في وزر غيره حَمْلاً زائداً على وِزره من قبيل تحمُّل وزر الغير ، ولكنه من قبيل زيادة العقاب لأجل تضليل الغير ، قال تعالى : { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم } [ النحل : 25 ] . وفي الحديث : " ما من نفس تُقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأوللِ كِفل من دمها ، ذلك أنه أول مَن سنَّ القتل " .


[399]:- سفر التثنية اصحاح 24.
[400]:- سفر الخروج اصحاح 20.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ألا تزر وازرة وزر أخرى} يقول: لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"ألاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى "فإن من قوله: "ألاّ تَزِرُ" على التأويل الذي تأوّلناه في موضع خفض ردّا على «ما» التي في قوله "أمْ لَمْ يُنَبّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى" يعني بقوله: "ألاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" غيرها، بل كل آثمة فإنما إثمها عليها...

وإنما عُنِي بقوله: "ألاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" الذي ضَمِن للوليد بن المغيرة أن يتحمل عنه عذاب الله يوم القيامة، يقول: ألم يُخْبَرْ قائل هذا القول، وضامن هذا الضمان بالذي في صحف موسى وإبراهيم مكتوب: أن لا تأثم آثمة إثم أخرى غيرها. "وأنْ لَيْسَ للإنْسانِ إلاّ ما سَعَى" يقول جلّ ثناؤه: أوَ لم يُنَبأ أنه لا يُجازى عامل إلاّ بعمله، خيرا كان ذلك أو شرّا...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ألاّ تزِر وازرة وِزر أخرى} فيه أن هذا في الكتب كلها في صحف إبراهيم وموسى وغيرهما من الكتب: ألا يحتمل أحد وِزر آخر، إنما يحتمل وِزر نفسه...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

كأن قائلاً قال: وما في صحف موسى وإبراهيم، فقيل: أن لا تزر...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«الوِزْرُ» في الأصل مأخوذ من «الوَزَرِ» على زنة خطر ومعناه المأوى أو الكهف أو الملجأ الجبلي، ثمّ استعلمت هذه الكلمة في الأعباء الثقيلة! لشباهتها الصخور الجبلية العظيمة، وأطلقت على الذنب أيضاً، لأنّه يترك عبئاً ثقيلا على ظهر الإنسان.