التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

وقوله - تعالى - : { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } جملة مستأنفة - أيضا - لبيان وجه تخصيص هذه الليلة بإنزال القرآن فيها .

وقوله { يُفْرَقُ } أى : يفصل ويبين ويكتب . و { حَكِيمٍ } أى : ذو حكمة ، أو محكم لا تتغير فيه .

أى : فى هذه الليلة المباركة يفصل ويبين ويكتب ، كل أمر ذى حكمة باهرة ، وهذا الأمر صادر عن الله - تعالى - ، الذى لا راد لقضائه ، ولا مبدل لحكمه .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه : فإن قلت : { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ما موقع هاتين الجملتين ؟

قلت : هما جملتان مستأنفتان ، فسر بهما جواب القسم الذى هو قوله - تعالى - : { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } كأنه قيل : أنزلناه لأن من شأننا الإِنذار والتحذير من العقاب ، وكان إنزالنا إياه فى هذه الليلة خصوصا ، لأن إنزال القرآن من الأمور الحكيمة ، وهذه الليلة مفرق كل أمر حكيم .

ومعنى { يُفْرَقُ } يفصل ويكتب كل أمر حكيم من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمورهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

وهذه الليلة المباركة بنزول هذا القرآن كانت فيصلاً وفارقاً بهذا التنزيل :

( فيها يفرق كل أمر حكيم ) . .

وقد فرق فيها بهذا القرآن في كل أمر ، وفصل فيها كل شأن ، وتميز الحق الخالد والباطل الزاهق ، ووضعت

الحدود ، وأقيمت المعالم لرحلة البشرية كلها بعد تلك الليلة إلى يوم الدين ؛ فلم يبق هناك أصل من الأصول التي تقوم عليها الحياة غير واضح ولا مرسوم في دنيا الناس ، كما هو واضح ومرسوم في الناموس الكلي القديم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

وقوله : { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } أي : في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة ، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها . وهكذا روي عن ابن عمر ، وأبي مالك ، ومجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من السلف .

وقوله : { حكيم } أي : محكم لا يبدل ولا يغير ؛ ولهذا قال : { أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

وكذلك قوله : { فيها يفرق كل أمر حكيم } فإن كونها مفرق الأمور المحكمة أو الملتبسة بالحكمة يستدعي أن ينزل فيها القرآن الذي هو من عظائمها ، ويجوز أن يكون صفة { ليلة مباركة } وما بينهما اعتراض ، وهو يدل على أن الليلة ليلة القدر لأنه صفتها لقوله : { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } وقرئ " يفرق " بالتشديد و { يفرق } في كل أمر يفرقه الله ونفرق بالنون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

وقوله : { فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا } معناه : يفصل من غيره ويتخلص ، وروي عن عكرمة في تفسير هذه الآية أن الله تعالى يفصل للملائكة في ليلة النصف من شعبان ، وقال الحسن وعمير مولى غفرة ومجاهد وقتادة : في ليلة القدر كل ما في العام المقبل من الأقدار والآجال والأرزاق وغير ذلك ، ويكتب ذلك لهم إلى مثلها من العام المقبل . قال هلال بن يساف كان يقال : انتظروا القضاء من شهر رمضان . وروي في بعض الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم «إن الرجل يتزوج ويعرس وقد خرج اسمه في الموتى ، لأن الآجال تقطع في شعبان »{[10222]} .

وقرأ الحسن والأعرج والأعمش : «يَفرُق » بفتح الياء وضم الراء . و : { حكيم } بمعنى محكم .


[10222]:أخردجه ابن زنجويه، والديلمي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج مثله ابن جرير، والبيهقي في شعب الإيمان، عن الزهري، عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس.(الدر المنثور).