التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (194)

ثم مضى القرآن في دعوته إياهم إلى التدبر والتعقل فقال : { إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } .

أى : إن هذه الآصناف التي تعبدونها من دون الله ، أو تنادونها لدفع الضرب أو جلب النفع { عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } أى : مماثلة لكم في كونها مملوكة لله مسخرة مذللة لقدرته كما أنكم أنتم كذلك فكيف تعبدونها أو تنادونها ؟

وأطلق عليها لفظ { عِبَادٌ } - مع أنها جماد - وفق اعتقادهم فيها تبكيتا لهم وتوبيخا .

وقوله { فادعوهم فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } تحقيق لمضمون ما قبله بتعجيزهم وتبكيتهم أى : فادعوهم في رفع ما يصيبكم من ضر ، أو في جلب ما أنتم في حاجة إليه من نفع { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } في زعمكم أن هذه الأصنام قادرة على ذلك .

ثم تابع القرآن تقريعه لهذه الأصنام وعابديها فقال : { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (194)

172

( وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم ، سواء عليكم ادعوتموهم أم أنتم صامتون . إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم . فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين . ألهم أرجل يمشون بها ؟ أم لهم أيد يبطشون بها ؟ أم لهم أعين يبصرون بها ؟ أم لهم آذان يسمعون بها ؟ )

لقد كانت وثنية مشركي العرب وثنية ساذجة - كما أسلفنا - سخيفة في ميزان العقل البشري في أية مرحلة من مراحله ! ومن ثم كان القرآن ينبه فيهم هذا العقل ؛ وهو يواجههم بسخافة ما يزاولونه من الشرك بمثل هذه الآلهة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (194)

191

ثم ذكر تعالى أنها عبيد مثل عابديها ، أي : مخلوقات مثلهم ، بل الأناسي أكمل منها ، لأنها تسمع وتبصر وتبطش ، وتلك لا تفعل شيئا من ذلك .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (194)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . .

يقول جلّ ثناؤه لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان موبخهم على عبادتهم ما لا يضرّهم ولا ينفعهم من الأصنام : إن الذين تدعون أيها المشركون آلهة من دون الله ، وتعبدونها شركا منكم وكفرا بالله ، عِبَادٌ أمْثَالُكُمْ يقول : هم أملاك لربكم ، كما أنتم له مماليك . فإن كنتم صادقين أنها تضرّ وتنفع وأنها تستوجب منكم العبادة لنفعها إياكم ، فليستجيبوا لدعائكم إذا دعوتموهم ، فإن لم يستجيبوا لكم لأنها لا تسمع دعاءكم ، فأيقنوا بأنها لا تنفع ولا تضرّ لأن الضرّ والنفع إنما يكونان ممن إذا سئل سمع مسألة سائل وأعطى وأفضل ومن إذا شُكِيَ إليه من شيء سمع فضرّ من استحقّ العقوبة ونفع من لا يستوجب الضرّ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡۖ فَٱدۡعُوهُمۡ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (194)

قرأ جمهور الناس «إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم » بتثقيل «إنّ » ورفع «عبادٌ » وهي مخاطبة للكفار في تحقير شأن أصنامهم عندهم أي إن هذه الأصنام مخلوقة محدثة ، إذ هي أجسام وأجرام فهي متعبدة أي متملكة ، وقال مقاتل ، إن المراد بهذه الآية طائفة من العرب من خزاعة كانت تعبد الملائكة فأعلمهم الله أنهم عباد أمثالهم لا آلهة ، وقرأ سعيد بن جبير «إن الذين تدعون من دون الله عباداً أمثالكم » بتخفيف النون من «إنْ » على أن تكون بمعنى ما وبنصب قوله «عباداً وأمثالكم » ، والمعنى بهذه القراءة تحقير شأن الأصنام ونفي مماثلتهم للبشر ، بل هم أقل وأحقر إذ هي جمادات لا تفهم ولا تعقل ، وسيبويه يرى أن «إن » إذا كانت بمعنى «ما » فإنها تضعف عن رتبة «ما » فيبقى الخبر مرفوعاً وتكون هي داخلة على الابتداء والخبر لا ينصبه ، فكان الوجه عنده في هذه القراءة «إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم » وأبو العباس المبرد يجيز أن تعمل عمل «ما » في نصب الخبر ، وزعم الكسائي أن «إن » بمعنى «ما » لا تجيء إلا وبعدها إلا كقوله تعالى : { إن الكافرون إلا في غرور } ثم بين تعالى الحجة بقوله { فدعوهم } أي فاختبروا فإن لم يستجيبوا فهم كما وصفنا .