التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّـٰلِمُونَ} (49)

ثم بين - سبحانه - حقيقة هذا الكتاب المعجز فقال : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الذين أُوتُواْ العلم } .

أى : هذا الكتاب ليس أساطير الأولين اكتتبها الرسول صلى الله عليه وسلم كما زعم المبطلون - بل هو آيات بينات واضحات راسخات ، فى صدور المؤمنين به ، الذين حفظوه وتدبروه وعملوا بتوجيهاته وإرشاداته ، وعملوا بما فيه من حكم وأحكام وعقائد وآداب .

ووصف الله - تعالى - المؤمنين بهذا القرآن بالعلم على سبيل المدح لهم ، والإِعلاء من شأنهم حيث استطاعوا عن طريق ما وهبهم - سبحانه - من علم نافع ، أن يوقنوا بأن هذا من عند الله ، ولو كان من عند غير الله ، لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً .

وقوله - سبحانه - : { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ الظالمون } تذييل المقصود به ذم الذين تجاوزا كل حق وصدق فى أحكامهم وتصرفاتهم .

ألا : وما يجحد آياتنا مع وضوحها وسطوعها ، وينكر كونها من عند الله - تعالى - ، إلا الظالمون المتجاوزون لكل ما هو حق ، ولكل ما هو صدق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّـٰلِمُونَ} (49)

46

( بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ، وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ) . .

فهو دلائل واضحة في صدور الذين وهبهم الله العلم ، لا لبس فيها ولا غموض ، ولا شبهة فيها ولا ارتياب . دلائل يجدونها بينة في صدورهم ، تطمئن إليها قلوبهم ، قلا تطلب عليها دليلا وهي الدليل . والعلم الذي يستحق هذا الاسم ، هو الذي تجده الصدور في قرارتها ، مستقرا فيها ، منبعثا منها ؛ يكشف لها الطريق ، ويصلها بالخيط الواصل إلى هناك ! ( وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ) . . الذين لا يعدلون في تقدير الحقائق وتقويم الأمور ، والذين يتجاوزون الحق والصراط المستقيم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّـٰلِمُونَ} (49)

أي : [ هذا ]{[22650]} القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق ، أمرًا ونهيًا وخبرًا ، يحفظه العلماء ، يَسَّره الله عليهم حفظًا وتلاوةً وتفسيرًا ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [ القمر : 17 ] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما مِنْ نبي إلا وقد أعطي ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا " {[22651]} .

وفي حديث عياض بن حمار{[22652]} ، في صحيح مسلم : " يقول الله تعالى : إني مبتليك ومبتل بك ، ومنزل عليك كتابًا لا يغسله الماء ، تقرؤه نائما ويقظان " {[22653]} . أي : لو غسل الماء المحلَّ المكتوب فيه لما احتيج إلى ذلك المحل ، كما جاء في الحديث الآخر : " لو كان القرآن في إهاب ، ما أحرقته النار " {[22654]} ، لأنه محفوظ في الصدور ، ميسر{[22655]} على الألسنة ، مهيمن على القلوب ، معجز لفظًا ومعنى ؛ ولهذا جاء في الكتب المتقدمة ، في صفة هذه الأمة : " أناجيلهم في صدورهم " .

واختار ابن جرير أن المعنى في قوله تعالى : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } ، بل العلم بأنك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابًا ولا تخطه بيمينك ، آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب{[22656]} . ونقله عن قتادة ، وابن جريج . وحكى الأول عن الحسن [ البصري ]{[22657]} فقط .

قلت : وهو الذي رواه العوفي عن عبد الله بن عباس ، وقاله الضحاك ، وهو الأظهر ، والله أعلم .

وقوله : { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ } أي : ما يكذب بها ويبخس حقها ويردها إلا الظالمون ، أي : المعتدون المكابرون ، الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه ، كما قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ . وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ } [ يونس : 96 ، 97 ] .


[22650]:- زيادة من ت ، ف ، أ.
[22651]:- رواه البخاري في صحيحه برقم (7274) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وسيأتي إن شاء الله.
[22652]:- في أ : "حماد".
[22653]:- صحيح مسلم برقم (2865).
[22654]:- رواه أحمد في مسنده (4/151) من حديث عقبة بن عامر. وتقدم الكلام عليه في فضائل القرآن.
[22655]:- في ت : "وميسر".
[22656]:- تفسير الطبري (21/5).
[22657]:- زيادة من ف ، أ.