فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّـٰلِمُونَ} (49)

{ بل هو } أي القرآن الذي جئت به { آيات بينات } وقال قتادة ومقاتل : إن الضمير يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي بل محمد آيات ، أي ذو آيات ، وقرأ ابن مسعود : بل هي آيات بينات ، قال الفراء معنى هذه القراءة بل آيات القرآن آيات بينات ، واختار ابن جرير ما قاله قتادة ومقاتل ، وقد استدل لما قالاه بقراءة ابن السميفع بل هذه آيات بينات ، ولا دليل في هذه على ذلك ، لأن الإشارة يجوز أن تكون إلى القرآن كما جاز أن تكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل رجوعها إلى القرآن أظهر لعدم احتياج ذلك إلى التأويل ؛ وهو إضراب عن ارتيابهم أي ليس القرآن مما يرتاب فيه لكونه محفوظا .

{ في صدور الذين أوتوا العلم } يعني العلماء المؤمنين الذين حفظوا القرآن على عهده صلى الله عليه وسلم ، وحفظوه بعده عن ظهر قلب ، وهذا من خصائص القرآن بخلاف سائر الكتب فإنها لم تكن معجزات ، ولا كانت تقرأ إلا من المصاحف ، ولذا جاء في وصف هذه الأمة صدورهم أناجيلهم ، ولذلك لا يقدرون على تحريفه ولا تغييره ، والمراد أنهم يحفظونه تلقينا منك وبعضهم من بعض ، وأنت تلقيته عن جبريل عن اللوح المحفوظ فلم تأخذه من كتاب بطريق تلقيه منه .

{ وما يجحد بآياتنا } أي القرآن الكريم { إلا الظالمون } أي المجاوزون للحد ، والمتوغلون في الظلم ،