التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{نَحۡنُ خَلَقۡنَٰكُمۡ فَلَوۡلَا تُصَدِّقُونَ} (57)

قوله - تعالى - : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } رد على إنكار المشركين للبعث والجزاء ، ولولا هنا للتحضيض ، والفاء لترتيب التحضيض على ما قبله .

أى : نحن الذين خلقناكم - أيها الجاحدون - هذا الخلق الأول بقدرتنا وحدها ، فهلا صدقتم بذلك ، وأطعتم رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فيما جاءكم به من عندنا ، وأيقنتم بأن الأولين والآخرين سيقفون أمامنا يوم القيامة للحساب ؟

فالمراد بقوله - تعالى - : { خَلَقْنَاكُمْ } : خلقهم من سلاله من طين ، ثم جعلهم نطفة فى قرار مكين كما قال - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } فإن قيل : إنهم كانوا يعترفون بأن الله - تعالى - قد خلقهم ، بدليل قوله - تعالى - : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله . . . } فما فائدة قوله - سبحانه - { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ . . } ؟

فالجواب أنهم لما كان اعترافهم بمنزلة العدم ، حيث أشركوا مع الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة قيل لهم على سبيل الإلزام والتبكيت : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَحۡنُ خَلَقۡنَٰكُمۡ فَلَوۡلَا تُصَدِّقُونَ} (57)

57

( نحن خلقناكم فلولا تصدقون ! أفرأيتم ما تمنون ? أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ? نحن قدرنا بينكم الموت ، وما نحن بمسبوقين . على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون . ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ! . . )

إن هذا الأمر أمر النشأة الأولى ونهايتها . أمر الخلق وأمر الموت . إنه أمر منظور ومألوف وواقع في حياة الناس . فكيف لا يصدقون أن الله خلقهم ? إن ضغط هذه الحقيقة على الفطرة أضخم وأثقل من أن يقف له الكيان البشري أو يجادل فيه : ( نحن خلقناكم فلولا تصدقون ! ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{نَحۡنُ خَلَقۡنَٰكُمۡ فَلَوۡلَا تُصَدِّقُونَ} (57)

يقول تعالى مُقررًا للمعاد{[28133]} ، وردًّا على المكذبين به من أهل الزيغ والإلحاد ، من الذين قالوا : { أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [ الصافات : 16 ] ، وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد ، فقال : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ }

أي : نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئًا مذكورًا ، أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ؛ فلهذا قال : { فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ } أي : فهلا تصدقون بالبعث !


[28133]:- (1) في أ: "للعباد".