اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{نَحۡنُ خَلَقۡنَٰكُمۡ فَلَوۡلَا تُصَدِّقُونَ} (57)

قوله : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } .

تحضيض ، أي : فهلا تصدقون بالبعث ؛ لأن الإعادة كالابتداء . وقيل : المعنى نحن خلقنا رزقكم ، فهلا تصدقون أن هذا طعامكم إن لم تؤمنوا ، أو متعلق التصديق محذوف ، تقديره : فلولا تصدقون بخلقنا{[54955]} .

قوله : «أفرأيتُم » .

[ هي ] {[54956]} بمعنى : «أخبروني » ومفعولها الأول «ما تمنون » .

والثاني الجملة الاستفهامية . وقد تقدم تقريره{[54957]} .

والمعنى : ما تصبُّونه من المنِيّ في أرْحَام النِّساء{[54958]} .

وقرأ العامَّة : «تُمْنُونَ » بضم التَّاء ، من «أمْنى يمني » .

وابن عبَّاس وأبو السِّمال{[54959]} : بفتحها من «مَنَى يَمْنِي » .

قال الزمخشري{[54960]} : يقال : أمْنى النُّطفة ومناها ، قال الله تعالى : { مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تمنى } [ النجم : 46 ] .

فظاهر هذا أنه استشهاد للثلاثي ، وليس فيه دليل له ، إذ يقال من الرباعي أيضاً : تمني ، كقولك : «أنت تكرم » وهو من «أكرم »{[54961]} .

وقال القرطبي{[54962]} : ويحتمل أن يختلف معناهما عندي ، فيكون «أمْنَى » إذا أنزل عند جماع ، و«مَنَى » إذا أنزل عند احتلام ، وفي تسمية المنيِّ منيًّا وجهان :

أحدهما : لإمنائه ، وهو إراقته .

الثاني : لتقديره ، وهو المَنّ الذي يوزن به ؛ لأنه مقدار لذلك ، فكذلك المَنِيّ مقدار صحيح لتصوير الخِلْقَة .


[54955]:ينظر: الدر المصون 6/263.
[54956]:سقط من ب.
[54957]:سورة الكهف آية 63.
[54958]:ينظر: القرطبي 17/140.
[54959]:ينظر: المحرر الوجيز 5/248، والبحر المحيط 8/210، والدر المصون 6/263.
[54960]:الكشاف 4/465.
[54961]:ينظر: الدر المصون 6/263.
[54962]:الجامع لأحكام القرآن 17/140، وقد نقلها القرطبي عن الماوردي في النكت والعيون 5/458.