وقد رد الله - تعالى - عليهم بما يكبتهم ويخرس ألسنتهم فقال : { مَا نُنَزِّلُ الملائكة إِلاَّ بالحق وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } .
وقرأ الجمهور { ما تنزل } - بفتح التاء والزاى على أن أصله تتنزل - ورفع الملائكة على الفاعلية .
وقرأ أبو بكر عن عاصم { ما تنزل } - بضم التاء وفتح الزاى على البناء للمجهول - ورفع الملائكة على أنه نائب فاعل .
وقرأ الكسائى وحفص عن عاصم { ما ننزل } - بنون في أوله وكسر الزاى - ونصب الملائكة على المفعولية والباء في قوله { إلا بالحق } للملابسة .
أى : ما ننزل الملائكة إلا تنزيلاً ملتبساً بالحق ، أى : بالوجه الذي تقتضيه حكمتنا وجرت به سنتنا ، كأن ننزلهم لإِهلاك الظالمين ، أو لتبليغ وحينا إلى رسلنا ، أو لغير ذلك من التكاليف التي نريدها ونقدرها ، والتى ليس منها ما اقترحه المشركون على رسولنا صلى الله عليه وسلم من قولهم { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملائكة إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } ، ولذا اقتضت حكمتنا ورحمتنا عدم إجابة مقترحاتهم .
وقوله { وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } بيان لما سيحل بهم فيما لو أجاب الله - تعالى - مقترحاتهم .
و { منظرين } من الإِنظار بمعنى التأخير والتأجيل .
وهذه الجملة جواب لجملة شرطية محذوفة ، تفهم من سياق الكلام ، والتقدير : ولو أنزل - سبحانه - الملائكة مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبقى هؤلاء المشركون على شركهم مع ذلك ، لعوجلوا بالعقوبة المدمرة لهم ، وما كانوا إذا ممهلين أو مؤخرين ، بل يأخذهم العذاب بغتة .
قال الإِمام الشوكانى : " قوله { وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } في الكلام حذف . والتقدير : ولو أنزلنا الملائكة لعوجلوا بالعقوبة ، وما كانوا إذا منظرين . فالجملة المذكورة جزاء للجملة الشرطية المحذوفة " .
وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - { وَقَالُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ }
القول في تأويل قوله تعالى : { مَا نُنَزّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاّ بِالحَقّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مّنظَرِينَ } .
اختلفت القرّاء في قراءة قوله : ما نُنَزّلُ المَلائِكَةَ فقرأ عامّة قرّاء المدينة والبصرة : «ما تَنَزّلُ المَلائِكَةُ » بالتاء تَنَزّلُ وفتحها ورفع «الملائكة » ، بمعنى : ما تنزل الملائكة ، على أن الفعل للملائكة . وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الكوفة : ما نُنَزّلُ المَلائِكَةَ بالنون في ننزل وتشديد الزاي ونصب الملائكة ، بمعنى : ما ننزلها نحن ، و «الملائكة » حينئذ منصوب بوقوع «ننزل » عليها . وقرأه بعض قرّاء أهل الكوفة : «ما تُنَزّلُ المَلائِكَةُ » برفع الملائكة والتاء في «تنزل » وضمها ، على وجه ما لم يسمّ فاعله .
قال أبو جعفر : وكلّ هذ القراءات الثلاث متقاربات المعاني وذلك أن الملائكة إذا نزلها الله على رسول من رسله تنزلت إليه ، وإذا تنزلت إليه فإنما تنزل بإنزال الله إياها إليه . فبأيّ هذه القراءات الثلاث قرأ ذلك القارىء فمصيب الصواب في ذلك ، وإن كنت أحبّ لقارئه أن لا يعدو في قراءته إحدى القراءتين اللتين ذكرت من قراءة أهل المدينة والأخرى التي عليها جمهور قرّاء الكوفيين ، لأن ذلك هو القراءة المعروفة في العامّة ، والأخرى : أعني قراءة من قرأ ذلك : «ما تُنَزّلُ » بضم التاء من تنزّل ورفع الملائكة شاذّة قليل من قرأ بها .
فتأويل الكلام : ما ننزل ملائكتنا إلا بالحقّ ، يعني بالرسالة إلى رسلنا ، أو بالعذاب لمن أردنا تعذيبه . ولو أرسلنا إلى هؤلاء المشركين على ما يسألون إرسالهم معك آية فكفروا لم يُنظروا فيؤخروا بالعذاب ، بل عوجلوا به كما فعلنا ذلك بمن قبلهم من الأمم حين سألوا الاَيات فكفروا حين آتتهم الاَيات ، فعاجلناهم بالعقوبة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ما نُنَزّلُ المَلائِكَةَ إلاّ بالحَقّ قال : بالرسالة والعذاب .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
{ ما تنزّل الملائكة } بالياء ونصب { الملائكة } على أن الضمير لله تعالى . وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالنون وأبو بكر بالتاء والبناء للمفعول ورفع { الملائكة } . وقرئ { تنزل } بمعنى تتنزل . { إلا بالحق } إلا تنزيلا ملتبسا بالحق أي بالوجه الذي قدره واقتضته حكمته ، ولا حكمة في أن تأتيكم بصور تشاهدونها فإنه لا يزيدكم إلا لبساً ، ولا في معالجتكم بالعقوبة فإن منكم و من ذراريكم من سبقت كلمتنا له بالإيمان . وقيل الحق الوحي أو العذاب . { و ما كانوا إذا منظرين } { إذا } جواب لهم و جزاء لشرط مقدر أي و لو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين .
مستأنفة ابتدائية جواباً لكلامهم وشبهاتهم ومقترحاتهم .
وابتدىء في الجواب بإزالة شبهتهم إذ قالوا : { لو ما تأتينا بالملائكة } [ سورة الحجر : 7 ] . أريد منه إزالة جهالتهم إذ سألوا نزول الملائكة علامة على التصديق لأنهم وإن طلبوا ذلك بقصد التهكم فهم مع ذلك معتقدون أن نزول الملائكة هو آية صدق الرسول ، فكان جوابهم مشوباً بطرف من الأسلوب الحكيم ، وهو صرفهم إلى تعليمهم الميز بين آيات الرسل وبين آيات العذاب ، فأراد الله أن لا يدخرهم هدياً وإلا فهم أحرياء بأن لا يجابوا .
والنزول : التدلي من علو إلى سفل . والمراد به هنا انتقال الملائكة من العالم العلوي إلى العالم الأرضي نزولاً مخصوصاً . وهو نزولهم لتنفيذ أمر الله بعذاب يرسله على الكافرين ، كما أنزلوا إلى مدائن لوط عليه السلام . وليس مثل نزول جبريل عليه السلام أو غيره من الملائكة إلى الرسل عليهم السلام بالشرائع أو بالوحي . قال تعالى في ذكر زكرياء عليه السلام { فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشّرك بيحيى } [ سورة آل عمران : 39 ] .
والمراد ب الحق هنا الشيء الحاقّ ، أي المقضي ، مثل إطلاق القضاء بمعنى المقضيّ . وهو هنا صفة لمحذوف يعلم من المقام ، أي العذاب الحاقّ . قال تعالى : { وكثير حقّ عليه العذاب } [ سورة الحج : 18 ] وبقرينة قوله : { وما كانوا إذا منظرين } ، أي لا تنزل الملائكة للناس غير الرسل والأنبياء . عليهم الصلاة والسلام إلا مصاحبين للعذاب الحاقّ على الناس كما تنزلت الملائكة على قوم لوط وهو عذاب الاستئصال . ولو تنزلت الملائكة لعجل للمنزل عليهم ولما أمهلوا .
ويفهم من هذا أن الله منظرهم ، لأنه لم يُرد استئصالهم ، لأنه أراد أن يكون نشر الدين بواسطتهم فأمهلهم حتى اهتدوا ، ولكنه أهلك كبراءهم ومدبريهم .
ونظير هذا قوله تعالى في سورة الأنعام ( 8 ) : { وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون } وقد نزلت الملائكة عليهم يوم بدر يقطعون رؤوس المشركين .
و{ إذاً } حرف جواب وجزاء . وقد وسطت هنا بين جزأي جوابها رعياً لمناسبة عطف جوابها على قول : { ما تنزل الملائكة } . وكان شأن ( إذن ) أن تكون في صدر جوابها . وجملتها هي الجواب المقصود لقولهم : { لو ما تأتينا بالملائكة } [ سورة الحجر : 7 ] . وجملة ما تنزل الملائكة إلا بالحق مقدمة من تأخير لأنها تعليل للجواب ، فقدم لأنه أوقع في الرد ، ولأنه أسعد بإيجاز الجواب .
وتقدير الكلام لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين إذن ما كنتم مُنظرين بالحياة ولعجل لكم الاستئصال إذ ما تنزل الملائكة إلا مصحوبين بالعذاب الحاقّ . وهذا المعنى وارد في قوله تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب } [ سورة العنكبوت : 53 ] .
وقرأ الجمهور { ما تنزل } بفتح التاء على أن أصله ( تتنزَّل ) .
وقرأ أبو بكر عن عاصم بضم التاء وفتح الزاي على البناء للمجهول ورفع الملائكة على النيابة .
وقرأ الكسائي ، وحفص عن عاصم ، وخلف { ما ننزل الملائكة } بنون في أوله وكسر الزاي ونصب الملائكة على المفعولية .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
لو نزلت الملائكة بالعذاب، إذا لم يناظروا حتى يعذبوا، يعني كفار مكة...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
... ما ننزل ملائكتنا إلا بالحقّ، يعني بالرسالة إلى رسلنا، أو بالعذاب لمن أردنا تعذيبه. ولو أرسلنا إلى هؤلاء المشركين على ما يسألون إرسالهم معك آية فكفروا لم يُنظروا فيؤخروا بالعذاب، بل عوجلوا به كما فعلنا ذلك بمن قبلهم من الأمم حين سألوا الآيات فكفروا حين أتتهم الآيات، فعاجلناهم بالعقوبة...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... {ما ننزل الملائكة إلا بالحق} أي بالحجج والآيات والبراهين على الرسل وعلى من هو أهل لذلك، ليس على كل أحد.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
"ما ننزل الملائكة الا بالحق" يعني بالحق الذي لا يلبس معه الباطل طرفة عين. وقال الحسن ومجاهد: معناه إلا بعذاب الاستئصال ان لم يؤمنوا بالآيات، كما كانت حال من قبلهم حين جاءتهم الآيات التي طلبوا، فلم يؤمنوا. ومعنى "وما كانوا اذا منظرين" أنه إن نزل عليهم الملائكة ولم يؤمنوا لم ينظرهم الله، بل كان يعاجلهم العقوبة.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{إِلاَّ بالحق} إلا تنزلا ملتبساً بالحكمة والمصلحة، ولا حكمة في أن تأتيكم عياناً تشاهدونهم ويشهدون لكم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم، لأنكم حينئذ مصدّقون عن اضطرار، ومثله قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بالحق} [الحجر: 85].
وقيل: الحق: الوحي أو العذاب. و {إِذا} جواب وجزاء، لأنه جواب لهم وجزاء لشرط مقدر تقديره: ولو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين وما أخر عذابهم...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
...الظاهر أن معناه: كما يجب ويحق من الوحي والمنافع التي رآها الله لعباده، لا على اقتراح كافر، ولا باختيار معترض.
ثم ذكر عادة الله في الأمم من أنه لم يأتهم بآية اقتراحا إلا ومعها العذاب في إثرها إن لم يؤمنوا، فكأن الكلام: ما تنزل الملائكة إلا بالحق والواجب، لا باقتراحكم؛ وأيضاً فلو نزلت لم تنظروا بعد ذلك بالعذاب، أي تؤخروا، و «النظرة»: التأخير، المعنى: فهذا لا يكون، إذ كان في علم الله أن منهم من يؤمن أو يلد من يؤمن.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان في قولهم أمران، أجاب عن كل منهما على طريق الاستئناف على تقدير سؤال من كأنه قال: بما إذا أجابهم؟ فقيل: أجاب عن الثاني لأنه أقرب بقوله: {ما نُنزل الملائكة} أي هذا النوع {إلا} تنزلاً ملتبساً {بالحق} أي بسبب عمل الأمر الثابت، وهو معنى ما قال البخاري في كتاب التوحيد: قال مجاهد: بالرسالة والعذاب، أما على الرسل فبالحق من الأقوال، وأما على المنذرين فبالحق من الأفعال من الهلاك والنجاة، فلو نزلوا عليهم كما اقترحوا لقضي الأمر بينك وبينهم فهلكوا {وما كانوا} أي الكفار {إذاً} أي إذ تأتيهم الملائكة {منظرين} أي حاصلاً لهم الإنظار على تقدير من التقادير، لأن الأمر الثابت يلزمه نجاة الطائع وهلاك العاصي في الحال من غير إمهال، وكان حينئذ يفوت ما قضينا به من تأخيرهم وإخراج من أردنا إيمانه من أصلابهم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والرد على ذلك التهكم وتلك الوقاحة وهذا الجهل هو ذكر القاعدة التي تشهد بها مصارع السالفين: أن الملائكة لا تنزل على الرسول إلا لهلاك المكذبين من قومه حين ينتهي الأجل المعلوم؛ وعندئذ فلا إمهال ولا تأجيل: (ما ننزل الملائكة إلا بالحق، وما كانوا إذن منظرين).. فهل هو ما يريدون وما يتطلبون؟!...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
مستأنفة ابتدائية جواباً لكلامهم وشبهاتهم ومقترحاتهم.
وابتدئ في الجواب بإزالة شبهتهم إذ قالوا: {لو ما تأتينا بالملائكة} [سورة الحجر: 7]. أريد منه إزالة جهالتهم إذ سألوا نزول الملائكة علامة على التصديق لأنهم وإن طلبوا ذلك بقصد التهكم فهم مع ذلك معتقدون أن نزول الملائكة هو آية صدق الرسول، فكان جوابهم مشوباً بطرف من الأسلوب الحكيم، وهو صرفهم إلى تعليمهم الميز بين آيات الرسل وبين آيات العذاب، فأراد الله أن لا يدخرهم هدياً وإلا فهم أحرياء بأن لا يجابوا.
والنزول: التدلي من علو إلى سفل. والمراد به هنا انتقال الملائكة من العالم العلوي إلى العالم الأرضي نزولاً مخصوصاً. وهو نزولهم لتنفيذ أمر الله بعذاب يرسله على الكافرين، كما أنزلوا إلى مدائن لوط عليه السلام. وليس مثل نزول جبريل عليه السلام أو غيره من الملائكة إلى الرسل عليهم السلام بالشرائع أو بالوحي. قال تعالى في ذكر زكرياء عليه السلام {فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشّرك بيحيى} [سورة آل عمران: 39].
والمراد ب الحق هنا الشيء الحاقّ، أي المقضي، مثل إطلاق القضاء بمعنى المقضيّ. وهو هنا صفة لمحذوف يعلم من المقام، أي العذاب الحاقّ. قال تعالى: {وكثير حقّ عليه العذاب} [سورة الحج: 18] وبقرينة قوله: {وما كانوا إذا منظرين}، أي لا تنزل الملائكة للناس غير الرسل والأنبياء. عليهم الصلاة والسلام إلا مصاحبين للعذاب الحاقّ على الناس كما تنزلت الملائكة على قوم لوط وهو عذاب الاستئصال. ولو تنزلت الملائكة لعجل للمنزل عليهم ولما أمهلوا.
ويفهم من هذا أن الله منظرهم، لأنه لم يُرد استئصالهم، لأنه أراد أن يكون نشر الدين بواسطتهم فأمهلهم حتى اهتدوا، ولكنه أهلك كبراءهم ومدبريهم.
ونظير هذا قوله تعالى في سورة الأنعام (8): {وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون} وقد نزلت الملائكة عليهم يوم بدر يقطعون رؤوس المشركين.
و {إذاً} حرف جواب وجزاء. وقد وسطت هنا بين جزأي جوابها رعياً لمناسبة عطف جوابها على قول: {ما تنزل الملائكة}. وكان شأن (إذن) أن تكون في صدر جوابها. وجملتها هي الجواب المقصود لقولهم: {لو ما تأتينا بالملائكة} [سورة الحجر: 7]. وجملة ما تنزل الملائكة إلا بالحق مقدمة من تأخير لأنها تعليل للجواب، فقدم لأنه أوقع في الرد، ولأنه أسعد بإيجاز الجواب.
وتقدير الكلام لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين إذن ما كنتم مُنظرين بالحياة ولعجل لكم الاستئصال إذ ما تنزل الملائكة إلا مصحوبين بالعذاب الحاقّ. وهذا المعنى وارد في قوله تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب} [سورة العنكبوت: 53].
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{ما ننزل الملائكة إلى بالحق} في هذا إشارة إلى إمكان إنزال الملائكة، وإنه ليس ثمة أمر يتعذر على الله خلقه، وقد نزل الملائكة إلى أرض قوم لوط فجعلوا عاليها سافلها...