فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَا نُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَمَا كَانُوٓاْ إِذٗا مُّنظَرِينَ} (8)

{ ما ننزل الملائكة إِلاَّ بالحق } قرئ ( ما ننزل ) بالنون مبنياً للفاعل ، وهو الله سبحانه فهو على هذا من التنزيل ، والمعنى على هذه القراءة : قال الله سبحانه مجيباً على الكفار لما طلبوا إتيان الملائكة إليهم : ما ننزل نحن { الملائكة إِلاَّ بالحق } أي : تنزيلاً متلبساً بالحق الذي يحق عنده تنزيلنا لهم فيما تقتضيه الحكمة الإلهية والمشيئة الربانية ، وليس هذا الذي اقترحتموه مما يحق عنده تنزيل الملائكة ، وقرئ «ننزل » مخففاً من الإنزال ، أي : ما ننزل نحن الملائكة إلاّ بالحق ، وقرئ «ما تنزل » بالمثناة من فرق مضارعاً مثقلاً مبنياً للفاعل من التنزيل بحذف إحدى التاءين ، أي : تتنزل ، وقرئ أيضاً بالفوقية مضارعاً مبنياً للمفعول ؛ وقيل : معنى { إلا بالحق } إلا بالقرآن ، وقيل : بالرسالة ، وقيل : بالعذاب { وَمَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ } في الكلام حذف ، والتقدير : ولو أنزلنا الملائكة لعوجلوا بالعقوبة ، وما كانوا إذا منظرين . فالجملة المذكورة جزاء للجملة الشرطية المحذوفة .

/خ15