السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مَا نُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَمَا كَانُوٓاْ إِذٗا مُّنظَرِينَ} (8)

ولما كان في قولهم أمران أجاب الله تعالى عن قولهم الثاني لأنه أقرب بقوله تعالى : { وما ننزل الملائكة إلا بالحق } ، أي : إلا تنزلاً ملتبساً بالحكمة والمصلحة ولا حكمة في أن نأتيكم بهم عياناً تشاهدونهم ويشهدون لكم بصدق النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنكم حينئذ مصدقون عن اضطرار ومثله قوله تعالى : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } [ الحجر ، 85 ] وقيل الحق الوحي أو العذاب . وقرأ شعبة بضم التاء مع فتح الزاي ورفع الملائكة وحفص وحمزة والكسائي بنونين الأولى مضمومة والثانية مفتوحة وكسر الزاي ونصب الملائكة والباقون بالتاء مفتوحة مع فتح الزاي ورفع الملائكة وشدّد التاء البزي في الوصل ، وأما الزاي فهي مشدّدة للجميع من يفتح ومن يكسر { وما كانوا } ، أي : الكفار { إذاً } ، أي : إذ تأتيهم الملائكة { منظرين } ، أي : لزوال الإمهال عنهم فيعذبوا في الحال إن لم يؤمنوا ويصدّقوا وكان حينئذ يفوت ما قضينا به من تأخيرهم وإخراج من أردنا إيمانه من أصلابهم .