البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَا نُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَمَا كَانُوٓاْ إِذٗا مُّنظَرِينَ} (8)

وقرأ الحرميان والعربيان : ما تنزل مضارع تنزل أي : ما تتنزل الملائكة بالرفع .

وقرأ أبو بكر ، ويحيى بن وثاب : ما تنزل بضم التاء وفتح النون والزاي الملائكة بالرفع .

وقرأ الأخوان ، وحفص ، وابن مصرف : ما ننزل بضم النون الأولى ، وفتح الثانية ، وكسر الزاي الملائكة بالنصب .

وقرأ زيد بن علي : ما نزل ماضياً مخففاً مبنياً للفاعل الملائكة بالرفع .

والحق هنا العذاب قاله الحسن ، أو الرسالة قاله مجاهد ، أو قبض الأرواح عند الموت قاله ابن السائب ، أو القرآن ذكره الماوردي .

وقال الزمخشري : ألا تنزلا ملتبساً بالحكمة والمصلحة ، ولا حكمة في أنْ تأتيكم عياناً تشاهدونهم ويشهدون لكم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنكم حينئذ مصدقون عن اضطرار .

وقال ابن عطية : والظاهر أنّ معناها : كما يجب ويحق من الوحي والمنافع التي أرادها الله تعالى لعباده ، لا على اقتراح كافر ، ولا باختيار معترض .

ثم ذكر عادة الله في الأمم من أنه لم يأتهم بآية اقتراح إلا ومعها العذاب في أثرها إنْ لم يؤمنوا ، فكان الكلام ما تنزل الملائكة إلا بحق واجب لا باقتراحكم .

وأيضاً فلو نزلت لم تنظروا بعد ذلك بالعذاب أي : تؤخروا والمعنى ، وهذا لا يكون إذ كان في علم الله أنّ منهم من يؤمن ، أو يلد من يؤمن .

وقال الزمخشري : وإذن جواب وجزاء ، لأنه جواب لهم ، وجزاء بالشرط مقدر تقديره : ولو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين وما أخر عذبهم .