نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{مَا نُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَمَا كَانُوٓاْ إِذٗا مُّنظَرِينَ} (8)

ولما كان في قولهم أمران ، أجاب عن كل منهما على طريق الاستئناف على تقدير سؤال من كأنه قال : بما إذا أجابهم ؟ فقيل : أجاب عن الثاني لأنه أقرب بقوله : { ما نُنزل الملائكة } أي هذا النوع { إلا } تنزلاً ملتبساً { بالحق } أي بسبب عمل الأمر الثابت ، وهو معنى ما قال البخاري في كتاب التوحيد : قال مجاهد : بالرسالة والعذاب ، أما على الرسل فبالحق من الأقوال ، وأما على المنذرين فبالحق من الأفعال من الهلاك والنجاة ، فلو نزلوا عليهم كما اقترحوا لقضي الأمر بينك وبينهم فهلكوا { وما كانوا } أي الكفار { إذاً } أي إذ تأتيهم الملائكة { منظرين * } أي حاصلاً لهم الإنظار على تقدير من التقادير ، لأن الأمر الثابت يلزمه نجاة الطائع وهلاك العاصي في الحال من غير إمهال ، وكان حينئذ يفوت ما قضينا به من تأخيرهم وإخراج من أردنا إيمانه من أصلابهم ،