التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّـٰلِمِينَ} (63)

ثم بين - سبحانه - شيئا عن هذه الشجرة فقال : { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } أى : إنا جعلنا هذه الشجرة محنة وابتلاء وامتحانا لهؤلاء الكافرين الظالمين ، لأنهم لما لما أخبرهم رسولنا صلى الله عليه وسلم بوجود هذه الشجرة فى النار . كذبوه واستهزأوا به ، فحق عليهم عذابنا بسبب هذا التكذيب والاستهزاء .

قال القرطبى ما ملخصه قوله - تعالى - { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } أى ، المشركين . وذلك أنهم قالوا . كيف تكون فى النار شجرة مع أن النار تحرق الشجر . . ؟

وكان هذا القول جهلا منهم ، إذ لا يستحيل فى العقل أن يخلق الله فى النار شجرا من جنسها لا تأكله النار ، كما يخلق الله فيها الأغلال والقيود والحياة والعقارب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّـٰلِمِينَ} (63)

ولكي يتضح الفارق الهائل بين هذا النعيم الخالد الآمن الدائم الراضي ؛ والمصير الآخر الذي ينتظر الفريق الآخر . فإن السياق يستطرد إلى ما ينتظر هذا الفريق بعد موقف الحشر والحساب الذي ورد في مطلع المشهد الفريد :

( أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم ! إنا جعلناها فتنة للظالمين . إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم . طلعها كأنه رؤوس الشياطين . فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون . ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم . ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) . .

أذلك النعيم المقيم خير منزلاً ومقاماً أم شجرة الزقوم ?

وما شجرة الزقوم ?

( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم . طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) . .

والناس لا يعرفون رؤوس الشياطين كيف تكون ! ولكنها مفزعة ولا شك . ومجرد تصورها يثير الفزع والرعب . فكيف إذا كانت طلعاً يأكلونه ويملأون منه البطون ? !

لقد جعل الله هذه الشجرة فتنة للظالمين . فحين سمعوا باسمها سخروا وقالوا : كيف تنبت شجرة في الجحيم ولا تحترق . وقال قائل منهم هو أبو جهل ابن هشام يسخر ويتفكه : " يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد ? قالوا : لا : قال عجوة يثرب بالزبد ! والله لئن استمكنا منها لنزقمنها تزقماً " ! ولكن شجرة الزقوم هذه شيء آخر غير ذلك الطعام الذي كانوا يعرفون !