التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (16)

ثم حكى - سبحانه - أقوال هؤلاء المتقين ومدحهم على إيمانهم وصلاحهم فقال - تعالى - { الذين يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النار } أى أن هذه الجنات وغيرها من أنواع النعم قد أعدها الله - تعالى - لهؤلاء المتقين الذين يضرعون إلى الله ملتمسين منه المغفرة فيقولون : يا ربنا إننا آمنا بك وصدقنا رسولك في كل ما جاء به من عندك ، فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا في أمرنا فأنت الغفار الرحيم ، { وَقِنَا عَذَابَ النار } أي جنبنا هذا العذاب الأليم يا أرحم الراحمين .

وفي حكاية هذا القول عنهم بصيغة المضارعة { يَقُولُونَ } إشعار بأنهم يجددون التوبة إلى الله دائما لقوة إيمانهم ، وصفاء نفوسهم ، وإحساسهم بأنهم مهما قدموا من طاعات فهى قليلة بجانب فضل الله عليهم ، ولذلك فهم يلتمسون منه الستر والغفران ، والوقاية من النار ، وهذا شأن الأخيار من الناس .

وقوله - سبحانه - { الذين يَقُولُونَ } بدل أو عطف بيان من قوله { لِلَّذِينَ اتقوا } ويجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف والجملة منهما جواب عن سؤال كأنه قيل : من أولئك المتقون ؟ فقيل : هم الذين يقولون ربنا إننا آمنا . ويجوز أن يكون في موضع نصب على المدح .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (16)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَآ إِنّنَآ آمَنّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النّارِ }

ومعنى ذلك : قل هل أنبئكم بخير من ذلكم ؟ للذين اتقوا يقولون ربنا آمنا إننا ، فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار . وقد يحتمل «الذين يقولون » وجهين من الإعراب : الخفض على الرد على «الذين » الأولى ، والرفع على الابتداء ، إذ كان في مبتدأ آية أخرى غير التي فيها «الذين » الأولى ، فيكون رفعها نظير قول الله عز وجل : { إنّ الله اشْتَرَى منَ المُؤْمِنِينَ أنفُسَهُمْ وَأَموَالَهُمْ } ثم قال في مبتدإ الآية التي بعدها { التّائِبُونَ العابِدونَ } ،

ولو كان جاء ذلك مخفوضا كان جائزا .

ومعنى قوله : { الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا إنّنا آمَنّا فاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا } الذين يقولون : إننا صدقنا بك وبنبيك ، وما جاء به من عندك¹ { فاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا } يقول : فاستر علينا بعفوك عنها وتركك عقوبتنا عليها¹ { وَقِنا عَذَابَ النّارِ } ادفع عنا عذابك إيانا بالنار أن تعذبنا بها . وإنما معنى ذلك : لا تعذبنا يا ربنا بالنار . وإنما خصوا المسألة بأن يقيهم عذاب النار ، لأن من زحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة من عذاب النار وحسن مآبه . وأصل قوله «قِنا » : من قول القائل : وقى الله فلانا كذا ، يراد به : دفع عنه فهو يقيه ، فإذا سأل بذلك سائل قال : قني كذا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (16)

{ الذين } بدل من { الذين اتقوا } [ آل عمران : 15 ] ، فسر في هذه الآية أحوال المتقين الموعودين بالجنات ، ويحتمل أن يكون إعراب قوله :

{ الذين } في هذه الآية على القطع وإضمار الابتداء ويحتاج إلى القطع وإضمار فعل في قوله : { الصابرين } والخفض في ذلك كله على البدل أوجه . ويجوز في { الذين } ، وما بعده النصب على المدح .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (16)

قوله : { الذين يقولون } عطف بيان { للذين اتقوا } وصفهم بالتقوى وبالتوجّه إلى الله تعالى بطلب المغفرة . ومعنى القول هنا الكلامُ المطابق للواقع في الخبرِ ، والجاري على فرط الرغبة في الدعاء ، في قولهم : { فاغفر لنا ذنوبنا } إلخ ، وإنّما يجري كذلك إذا سعى الداعي في وسائل الإجابة وترقّبها بأسبابها التي ترشد إليها التقوى ، فلا يُجازَى هذا الجزاءَ من قال ذلك بفمه ولم يعمل لهُ .