نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ} (16)

ولما أخبر سبحانه وتعالى بأنه{[15498]} بصير بمن يستحق ما أعد{[15499]} من الفوز أتبعه ما استحقوا{[15500]} ذلك به من الأوصاف تفضلاً منه عليهم بها{[15501]} وبإيجاب ذلك على نفسه حثاً لهم على التخلق{[15502]} بتلك الأوصاف فقال : - وقال الحرالي : لما وصف تعالى قلوبهم بالتقوى وبرأهم من الاستغناء بشيء من دونه وصف أدبهم في المقال{[15503]} فقال ؛ انتهى - { الذين يقولون ربنا } أي يا{[15504]} من ربانا بإحسانه وعاد علينا بفضله{[15505]} ، وأسقط أداة النداء إشعاراً بما لهم من القرب لأنهم في حضرة المراقبة ؛ ولما كانت أحوالهم في تقصيرها عن أن يقدر الله حق قدره كأنها أحوال من لم يؤمن اقتضى المقام التأكيد فقالوا : { إننا } فأثبتوا النون{[15506]} إبلاغاً فيه{[15507]} { آمنا } أي بما دعوتنا إليه ، وأظهروا هذا المعنى بقولهم : { فاغفر لنا ذنوبنا } أي فإننا عاجزون عن دفعها ورفع الهمم{[15508]} عن مواقعتها{[15509]} وإن اجتهدنا لما جبلنا{[15510]} عليه من الضعف والنقص ، تنبيهاً منه تعالى على أن مثل ذلك لا يقدح في التقوى إذا هدم بالتوبة لأنه ما أصر{[15511]} من استغفر ، والتوبة تجب ما قبلها . قال الحرالي : وبين المغفرة على مجرد الإيمان إشارة إلى أنه لا تغيرها{[15512]} الأفعال ، من ترتب إيمانه على تقوى غفرت ذنوبه ، فكانت{[15513]} مغفرة الذنوب لأهل هذا الأدب في مقابلة الذين آخذهم الله بذنوبهم من الذين كذبوا ، ففي شمول ذكر الذنوب في الصنفين{[15514]} إعلام بإجراء قدر الذنوب على الجميع ، فما كان منها مع{[15515]} التكذيب أخذ به ، وما كان منها مع التقوى والإيمان غفر له - انتهى .

ولما رتب سبحانه وتعالى الغفران على التقوى ابتداء رتب عليها الوقاية{[15516]} انتهاء{[15517]} فقال : { وقنا عذاب النار } أي الذي استحققناه بسوء أعمالنا .


[15498]:في ظ: أبانه.
[15499]:زيد من ظ ومد.
[15500]:من ظ ومد، وفي الأصل: استحلوا.
[15501]:زيد من ظ ومد.
[15502]:. من ظ ومد، وفي الأصل: المتخلق
[15503]:من ظ و مد، وفي الأصل: القال - كذا.
[15504]:سقط من مد.
[15505]:من ظ ومد، وفي الأصل: بفضل.
[15506]:ن ظ ومد، وفي الأصل: بلا عاية.
[15507]:ن ظ ومد، وفي الأصل: بلاعاية.
[15508]:ن ظ ومد، وفي الأصل: الهم.
[15509]:ن ظ ومد، وفي الأصل: موافقتها.
[15510]:ن مد، وفي الأصل: جعلنا، وفي ظ: حيلنا.
[15511]:في ظ: أخبر.
[15512]:من مد، وفي الأصل وظ: الصفتين.
[15513]:في مد: فكان.
[15514]:من مد، وفي الأصل وظ: الصفتين.
[15515]:من ظ ومد، وفي الأصل: حكم.
[15516]:من مد، وفي الأصل وظ: الوفايه.
[15517]:من ظ ومد، وفي الأصل: انتهى.