التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ} (8)

{ ثُمَّ دَنَا فتدلى } أى : ثم قرب جبرل - عليه السلام - من النبى - صلى الله عليه وسلم - { فتدلى } أى : فانخفض من أعلى إلى أسفل .

واصل التدلى : أن ينزل الشىء من طبقته إلى ما تحتها ، حتى لكأنه معلق فى الهواء ، ومنه قولهم : تدلت الثمرة إذا صارت معلقة فى الهواء من أعلى إلى أسفل . . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ} (8)

القول في تأويل قوله تعالى : { ثُمّ دَنَا فَتَدَلّىَ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىَ * فَأَوْحَىَ إِلَىَ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىَ * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىَ } .

يقول تعالى ذكره : ثم دنا جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى إليه ، وهذا من المؤخّر الذي معناه القديم ، وإنما هو : ثم تدلى فدنا ، ولكنه حسن تقديم قوله : دنا ، إذ كان الدنوّ يدلّ على التدلي والتدلي على الدنوّ ، كما يقال : زارني فلان فأحسن ، وأحسن إليّ فزارني وشتمني ، فأساء ، وأساء فشتمني لأن الإساءة هي الشتم : والشتم هو الإساءة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ثُمّ دَنا فَتَدَلَى قال : جبريل عليه السلام .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ثُمّ دَنَا فَتَدَلَى يعني : جبريل .

حدثنا اين حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ثُمّ دَنَا فَتَدَلَى قال : هو جبريل عليه السلام .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم دنا الربّ من محمد صلى الله عليه وسلم فتدلى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا يحيى بن الأمويّ ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سَلَمة ، عن ابن عباس ثُمّ دَنا فَتَدَلَى قال : دنا ربه فتدلىّ .

حدثنا الربيع ، قال : حدثنا ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك يحدّثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج جبرائيل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة ، ثم علا به بما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبار ربّ العزّة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى الله إليه ما شاء ، فأوحى الله إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كلّ يوم وليلة ، وذكر الحديث .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ} (8)

واختلف الناس إلى من استند قوله . { ثم دنا فتدلى } فقال الجمهور : استند إلى جبريل عليه السلام ، أي دنا إلى محمد في الأرض عند حراء . وقال ابن عباس وأنس في حديث الإسراء ما يقتضي أنه يستند إلى الله تعالى ، ثم اختلف المتأولون ، فقال مجاهد : كان الدنو إلى جبريل . وقال بعضهم : كان إلى محمد . و : { دنا فتدلى } على هذا القول معه حذف مضاف . أي دنا سلطانه ووحيه وقدره لا الانتقال ، وهذه الأوصاف منتفية في حق الله تعالى . والصحيح عندي أن جميع ما في هذه الآيات هو مع جبريل ، بدليل قوله : { ولقد رآه نزلة أخرى } [ النجم : 13 ] فإن ذلك يقضي بنزلة متقدمة ، وما روي قط أن محمداً رأى ربه قبل ليلة الإسراء ، أما أن الرؤية بالقلب لا تمنع بحال و { دنا } أعم من : «تدلى » ، فبين تعالى بقوله : { فتدلى } هيئة الدنو كيف كانت .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ} (8)

والدنوّ : القرب ، وإذ قد كان فعل الدنوّ قد عطف ب { ثم } على { فاستوى وهو بالأفق الأعلى } علم أنه دنا إلى العالم الأرضي ، أي أخذ في الدنو بعد أن تلقى ما يبلغه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم

وتدلّى : انخفض من علو قليلاً ، أي ينزل من طبقات إلى ما تحتها كما يتدلى الشيء المعلق في الهواء بحيث لو رآه الرائي يحسبه متدلياً ، وهو ينزل من السماء غير منقضَ .