قوله : { ثُمَّ دَنَا فتدلى } التدلي : الامتداد من علو إلى سفل ، فيستعمل في القرب من العلو قاله الفراء{[53394]} ، وابن الأعرابي{[53395]} .
تَدَلَّى عَلَيْنَا وَهْوَ زَرْقُ حَمَامَةٍ *** لَه طِحْلِبٌ فِي مُنْتَهَى القَيْظِ هَامِدُ{[53396]}
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** تَدَلَّى عَلَيْنَا بَيْنَ سِبٍّ وَخَبْطَةٍ{[53397]}
ويقال : هُوَ كَالقِرِلَّى{[53398]} إنْ رأى خيراً تدلَّى وإن لم يَرَه تَوَلَّى{[53399]} .
في قوله : «دَنَا فَتَدَلَّى » وجوه :
أشهرها : أن جبريل - صلى الله عليه وسلم - دنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أي بعد ما مد جَنَاحَهُ «وهو بالأفق » عاد إلى الصورة التي كان يعتاد النزول عليها وقَرُب من النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى هذا ففي «تَدَلَّى » وجوه :
الأول : فيه تقديم وتأخير أي تدلى من الأفق الأعلى فدنا من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الثاني : أن الدُّنُوَّ والتَّدلِّي بمعنًى واحد فكأنه قال : دَنَا فَقَرُبَ{[53400]} .
وذهب الفراء إلى أن الفاء في قوله : ( فَ ) تدلى بمعنى الواو{[53401]} ، والتقدير : ثم تدلى جبريل - عليه الصلاة والسلام - ودنا ولكنه جائزٌ إذا كان معنى الفعلين واحداً قدمتَ أيَّهُمَا شئتَ ، فقلت : فَدَنَا فقرب ، وقرب فدنا ، وشتمني فأساء ، وأَسَاءَ فَشَتَمَنِي ؛ لأن الإساءة والشتم شيءٌ واحد{[53402]} وكذلك قوله : { اقتربت الساعة وانشق القمر } [ القمر : 1 ] أي انشق القمر واقْتَرَبَت الساعة .
الثالث : دنا أي قصد القرب من محمد - عليه الصلاة والسلام - وتحول عن المكان الذي كان فيه فتدلّى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الوجه الثاني : أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - دنا من الخلق والأمة وَلان لهم وصار كواحد منهم فتدلى أي تدلى إِليهم بالقول اللّين والدعاء بالرفق فقال : { قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ } [ الكهف : 110 ] .
الوجه الثالث : دَنَا منه ربه فقرب منه منزلته كقوله - عليه الصلاة والسلام - حكاية عن ربه تعالى : «مَنْ تَقَرَّبَ إِليَّ شِبْراً تَقَرَّبْتَ إِلَيْهِ ذِرَاعاً ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً وَمَنْ مَشَى إِلَيَّ أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » وهذا إشارة إلى المنع المجازي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.