تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ} (8)

الآية 8 وعلى هذا قوله تعالى : { ثم دنا فتدلّى } يحتمل دنا منه جبرائيل عليه السلام شيئا بعد شيء ، وقرُب منه ، كذلك يحتمله ؛ إذ جُبِل الإنسان على طبيعة تحتمل الأشياء إذا انتهت إليه على التّفاريق ما لو أتته بدفعة واحدة في وقت واحد لما احتملها{[20043]} ؛ كالحرّ يأتي الخلق بعد شدة البرد شيئا فشيئا ، وكذلك البرد بعد شدة الحرّ شيئا فشيئا حتى يشتدّ ما لو أتيا بدفعة واحدة [ لما احتملهُما ]{[20044]} .

[ فعلى ذلك جائز ألا يحتمل البصر رؤية الشيء بدفعة واحدة ]{[20045]} إذا كان قريبا منه ، ويحتمله من البُعد ، ثم يقرُب ، ويدنو قليلا قليلا ، حتى يحتمله من القرب ، والله أعلم .

ثم من الناس من يقول : إن قوله تعالى : { ثم دنا فتدلّى } على التقديم والتأخير ، أي تدلّى ، فدنا ، لأنه يكون التدلّي أولا ثم الدُّنوُّ منه .

ومنهم من قال : بل هو على ما قال ، وهما سواء ؛ أعني : التّدلّي والدُّنوّ بمنزلة القُرب{[20046]} ، والله أعلم .


[20043]:أدرج بعدها في الأصل وم: كالأنفس.
[20044]:ساقطة من الأصل وم.
[20045]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[20046]:أدرج بعدها في الأصل وم: والدنو.