الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{قَالَ فَعَلۡتُهَآ إِذٗا وَأَنَا۠ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ} (20)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قال فعلتها إذا وأنا من الضالين}، يعني: من الجاهلين، وهي قراءة ابن مسعود:"فعلتها إذا وأنا من الجاهلين".

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال موسى لفرعون: فعلت تلك الفعلة التي فعلت، أي قتلت تلك النفس التي قتلتُ "إذن وأنا من الضالين"، يقول: وأنا من الجاهلين قبل أن يأتيني من الله وحي بتحريم قتله عليّ. والعرب تضع من الضلال موضع الجهل، والجهل موضع الضلال، فتقول: قد جهل فلان الطريق وضلّ الطريق، بمعنى واحد.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{قال فعلتها إذا وأنا من الضالين} أي فعلت ذلك، وأنا كنت من الجاهلين؛ لا يعلم أن وكزته تلك، تقتله، وإلا لو علم ما وكزه، لأنه لم يكن يحل له قتله حين {قال هذا من عمل الشيطان} [القصص: 15] دل ذلك منه أنه كان لم يحل قتله إلا أنه جرى ذلك على يده خطأ وجهلا.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

" فعلتها "يعني قتل القبطي "وأنا من الضالين "قال قوم: يعني من الضالين أي من الجاهلين بأنها تبلغ القتل.

وقال قوم: معناه" وأنا من الضالين "عن طريق الصواب، لأني ما تعمدته.

وإنما وقع مني خطأ.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فأجابه موسى بأن تلك الفعلة إنما فرطت منه وهو {مِنَ الضالين} أي الجاهلين... أو المخطئين كمن يقتل خطأ من غير تعمد للقتل، أو الذاهبين عن الصواب، أو الناسين، من قوله: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى} [البقرة: 282]، وكذّب فرعون، ودفع الوصف بالكفر عن نفسه، وبرّأ ساحته بأن وضع الضالين موضع الكافرين رَبئاً بمحل من رُشح للنبوّة عن تلك الصفة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن فرعون لما ذكر التربية وذكر القتل وقد كانت تربيته له معلومة ظاهرة، لا جرم أن موسى عليه السلام ما أنكرها، ولم يشتغل بالجواب عنها، لأنه تقرر في العقول أن الرسول إلى الغير إذا كان معه معجز وحجة لم يتغير حاله بأن يكون المرسل إليه أنعم عليه أو لم يفعل ذلك، فصار قول فرعون لما قاله غير مؤثر البتة، ومثل هذا الكلام الإعراض عنه أولى، ولكن أجاب عن القتل بما لا شيء أبلغ منه في الجواب وهو قوله: {فعلتها إذا وأنا من الضالين} والمراد بذلك الذاهلين عن معرفة ما يؤول إليه من القتل لأنه فعل الوكزة على وجه التأديب، ومثل ذلك ربما حسن وإن أدى إلى القتل فبين له أنه فعله على وجه لا يجوز معه أن يؤاخذ به أو يعد منه كافرا أو كافرا لنعمه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

كانت رباطة جأش موسى وتوكّله على ربّه باعثةً له على الاعتراف بالفعلة وذكر ما نشأ عنها من خيرٍ له، ليدل على أنه حَمِد أثرها وإن كان قد اقترفها غير مُقَدِّر ما جرّته إليه من خير؛ فابتدأ بالإقرار بفعلته ليعلم فرعون أنه لم يجد لكلامه مدخل تأثير في نفس مُوسى. وأخر موسى الجواب عن قول فرعون {ألم نربّك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين} [الشعراء: 18] لأنه علم أن القصد منه الإقصارُ من مواجهته بأن ربّاً أعلى من فرعون أرسل موسى إليه. وابتدأ بالجواب عن الأهم من كلام فرعون وهو {وفعلتَ فعلتك} [الشعراء: 19] لأنه علم أنه أدخل في قصد الإفحام، وليظهر لفرعون أنه لا يَوْجَل من أن يطالبوه بذَحل ذلك القتيل ثقة بأن الله ينجيه من عدوانهم. وكلمة {إذاً} هنا حرف جواب وجزاء، فنونُه الساكنة ليست تنويناً بل حرفاً أصلياً للكلمة، وقدم {فعلتها} على (إذن) مبادرةً بالإقرار ليَكون كناية عن عدم خشيته من هذا الإقرار...

ومعنى الجزاء في قوله: {فعلتها إذاً} أن قول فرعون {وفعلتَ فعلتك التي فعلت} [الشعراء: 19] قصد به إفحام موسى وتهديده، فجعل موسى الاعتراف بالفعلة جزاء لذلك التهديد على طريقة القول بالموجَب، أي لا أتهيّب ما أردت.

وجعل مُوسى نفسه من الضالين إن كان مراد كلامه الذي حكت الآية معناه إلى العربية المعنَى المشهورَ للضلال في العربية وهو ضلال الفساد فيكون مراده: أن سَوْرة الغضب أغفلته عن مراعاة حرمة النفس وإن لم يكن يومئذ شريعة..