الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{سَيَهۡدِيهِمۡ وَيُصۡلِحُ بَالَهُمۡ} (5)

وقوله سبحانه : { سَيَهْدِيهِمْ } أي : إلى طريقِ الجَنَّةِ .

( ت ) : ذكر الشيخ أبو نُعَيْمٍ الحافظُ أنَّ مَيْسَرَةَ الخادمَ قال : غزونا في بعض الغَزَوَاتِ ، فإذا فتًى إلى جانِبي ، وإذا هو مُقَنَّعٌ بالحديد ، فَحَمَلَ على المَيْمَنَةِ ، فَثَنَاها ، ثُمَّ على المَيْسَرَةِ حتى ثَنَاهَا ، وحَمَلَ عَلَى القَلْبِ حتى ثناه ، ثم أنشأ يقول :

أَحْسِنْ بِمَوْلاَكَ سَعِيدُ ظَنَّا *** هَذا الَّذِي كُنْتَ لَهُ تمنى

تَنَحِّ يَا حُورَ الْجِنَانِ عَنَّا *** مَالَكِ قَاتَلْنَا وَلاَ قُتِلْنَا

لَكِنْ إلى سَيِّدِكُنَّ اشتقنا *** قَدْ عَلِمَ السِّرَّ وَمَا أَعْلَنَّا

قال : فحمل ، فقاتل ، فَقَتَلَ منهم عدداً ، ثم رَجَعَ إلى مَصَافِّهِ ، فتكالَبَ عليه العَدُوُّ ، فإذا هو رضي اللَّه تعالى عنه قد حمل على الناس ، وأنشأ يقول :

قَدْ كُنْتُ أَرْجُو وَرَجَائِي لَمْ يَخِبْ *** أَلاَّ يَضِيعَ الْيَوْمَ كَدِّي وَالطَّلَبْ

يَا مَنْ مَلاَ تِلْكَ الْقُصُورَ باللُّعَبْ *** لَوْلاَكَ مَا طَابَتْ وَلا طَابَ الطَّرَبْ

ثم حَمَلَ رضي اللَّه عنه فقاتل ، فَقَتَلَ منهم عَدَداً ، ثم رجع إلى مَصَافِّه ، فتكالَبَ عليه العَدُوُّ فحَمَلَ رضي اللَّه عنه في المرة الثالثة ، وأنشأ يقول :

يَا لُعْبَةَ الخُلْدِ قِفِي ثُمَّ اسمعي *** مَالَكِ قَاتَلْنَا فَكُفِّي وارجعي

ثُمَّ ارجعي إلَى الْجِنَانِ واسرعي *** لاَ تَطْمَعِي لاَ تَطْمَعِي لاَ تَطْمَعِي

فقاتل رضي اللَّه عنه حتى قُتِلَ ، انتهى من ابن عَبَّاد شارح «الحِكَم » .