فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَآ أَنَا۠ عَابِدٞ مَّا عَبَدتُّمۡ} (4)

{ لكم دينكم } [ هو- عن الأكثرين- تقرير لقوله تعالى : { لا أعبد ما تعبدون } ، وقوله تعالى : { ولا أنا عابد ما عبدتم } ؛ كما أن قوله تعالى : { ولي دين } – عندهم- تقرير لقوله تعالى : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } ؛ والمعنى : أن دينكم هو الإشراك ، مقصورا على الحصول لكم لا يتجاوزه إلى الحصول كما تطمعون فيه ، فلا تعلقوا به أمانيكم الفارغة فإن ذلك من المحالات ؛ وأن ديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لي لا يتجاوزه إلى الحصول لكم أيضا ؛ لأن الله تعالى قد ختم على قلوبكم لسوء استعدادكم ]{[13999]} .

وقال البخاري : يقال : { لكم دينكم } الكفر ؛ { ولي دين } الإسلام . وقال غيره : { لا أعبد ما تعبدون } الآن ، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ؛ { ولا أانتم عابدون ما أعبد } ؛ وهم الذين قال : { . . وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا . . }{[14000]} .

مما أورد القرطبي : قوله تعالى : { لكم دينكم ولي دين } فيه معنى التهديد ؛ وهو كقوله تعالى : { . . لنا أعمالكم ولكم أعمالكم . . }{[14001]} أي : إن رضيتم بدينكم ، فقد رضينا بديننا . . اه . ثبت في صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهذه السورة وب( قل هو الله أحد ) في ركعتي الطواف ؛ وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بها في ركعتي الفجر .


[13999]:-ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني.
[14000]:-سورة المائدة. من الآية 64.
[14001]:- سورة القصص. من الآية 55