{ إذا جاء نصر الله والفتح ( 1 ) ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ( 2 ) فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ( 3 ) }
إذا يجيء ميعاد تأييد الله تعالى للجند المؤمنين على عدوهم ، ويتم لهم فتح المغاليق ، والظفر بالبلاد التي ينشرون منها لواء دينهم ، وشرح الله صدورا كثيرا بالإسلام فانقادت له وعملت به ، فنزه ربك وقدسه ، ودم على ذلك واستكثر منه ، واحمده واشكره على ما هدى وأولى ، وسله العفو عن السيئات ، وستر الذنوب والخطيئات ، ومحو الهفوات والزلات ؛ إنه عظيم الحلم على من أساء ثم استعتب ، يحب من أناب إليه ، ورجع عما يكون قد طاف به ، إلى الثبات على الحق ، والعزيمة على الرشد { . . إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين }{[14161]} ؛ في صحيح مسلم عن ابن عباس : سورة [ النصر ] آخر سورة نزلت جميعا . روى الأئمة- واللفظ للبخاري- عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت سورة { إذا جاء نصر الله والفتح } إلا يقول : " سبحانك ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " ؛ وعنها قالت : كان رسول صلى الله عليه وسلم الله يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " يتأول القرآن . وفي البخاري وغيره عن ابن عباس قال : كان عمر بن الخطاب يأذن لأهل بدر ، ويأذن لي معهم ؛ قال : فوجد{[14162]} بعضهم من ذلك ، فقالوا : يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله ! فقال لهم عمر : إنه من قد علمتم{[14163]} ؛ قال : فأذن لهم ذات يوم ، وأذن لي معهم ، فسألهم عن هذه السورة : { إذا جاء نصر الله والفتح } ؛ فقالوا : أمر الله جل وعز نبيه صلى الله عليه وسلم إذا فتح عليه أن يستغفره ، وأن يتوب إليه ؛ فقال : ما تقول يا ابن عباس ؟ قلت : ليس كذلك ، ولكن أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم حضور أجله ، فقال : { إذا جاء نصر الله والفتح } فذلك علامة موتك { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } ؛ فقال عمر رضي الله عنه : تلومونني عليه ؟ وفي البخاري : فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تقول ؛ [ فإن قيل : فماذا يغفر للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤمر بالاستغفار ؟ قيل : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : " رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي خطئي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أعلنت وما أسررت ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، إنك على كل شيء قدير " ؛ فكان صلى الله عليه وسلم يستقصر نفسه لعظمة ما أنعم الله به عليه ، ويرى قصوره عن القيام بحق ذلك ذنوبا . . وقيل : ذلك تنبيه لأمته ، لكيلا يأمنوا ويتركوا الاستغفار ، وقيل : { واستغفره } أي استغفر لأمتك ؛ { إنه كان توابا } : أي على المسبحين والمستغفرين ، يتوب عليهم ويرحمهم ويقبل توبتهم ؛ وإذا كان عليه السلام -وهو معصوم- يؤمر بالاستغفار فما الظن بغيره ؟ ]{[14164]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.