ثم قال { ولا أنا عابد } في الحال { ما عبدتم ولا أنتم } في الحال بعابدين لمعبودي . وعلى هذا القول زعم بعضهم أن الأمر بالعكس ، إذ الترتيب أن ينفى الحال أوّلاً ثم الاستقبال ، وللأولين أن يجيبوا بأنهم إنما دعوه إلى عبادة غير الله في الاستقبال ، فكان الابتداء به أهم . وفائدة الإخبار عن الحال وكان معلوماً أنه ما كان يعبد الصنم ، والكفار كانوا يعبدون الله في بعض الأحوال هي أن لا يتوهم أحد أنه يعبد غير الله سراً خوفاً أو طمعاً ، وعبادة الكفار لم تكن معتدّاً بها لأجل الشرك . ولأبي مسلم قول ثالث هو أن ما في الأولين بمعنى الذي ، وأما في الآخرين فمصدرية ، أي ولا أنا عابد عبادتكم المبنية على الإشراك ، ولا أنتم عابدون عبادتي المبنية على اليقين . ووجه رابع وهو أن يحمل الأول على نفي الالتماس الصادر عنهم ، والآخر على النفي المطلق العام المتناول لجميع الجهات ، كمن يدعو غيره إلى الظلم لغرض التنعم ، فيقول : لا أظلم لغرض التنعم ؛ بل لا أظلم رأساً ، لا لهذا الغرض ولا لسائر الأغراض . قوله { ما تعبدون } ليس فيه إشكال ، إنما الإشكال في قوله { ما أعبد } فأجيب بعد تسليم أن " ما " ليست أعم بأن المراد به الصفة ، كأنه قيل : لا أعبد الباطل ، ولكن أعبد الحق ، أو هي " ما " المصدرية على نحوم ما مر ، أو هي للطباق كقوله { وجزاء سيئة سيئة } [ الشورى :40 ] ، فإن قيل : لما كان المقام مقام التأكيد والمبالغة ، ولهذا كرر ما كرر ، فلم لم يقل " لن أعبد " كما قال أصحاب الكهف { لن ندعو من دونه إلهاً } [ الكهف :14 ] . قلت : إن أصحاب الكهف كانوا متهمين بعبادة الأصنام ؛ لأنه قد وجد منهم ذلك قبل أن أرشدهم الله ، وإن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن متهماً بذلك قط يحتج إلى المبالغة ب " لن " . ثم أوّل السورة لما اشتمل على التشديد البليغ ، وهو النداء بالكفر والتكرير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.