الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قَالَ لِلۡمَلَإِ حَوۡلَهُۥٓ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٞ} (34)

فإن قلت ما العامل في { حَوْلَهُ } ؟ قلت : هو منصوب نصبين : نصب في اللفظ ، ونصب في المحل ؛ فالعامل في النصب اللفظي ما يقدر في الظرف ، والعامل في النصب المحلي وهو النصب على الحال : قال : ولقد تحير فرعون لما أبصر الآيتين ، وبقي لا يدري أي طرفيه أطول ، حتى ذلّ عنه ذكر دعوى الإلهية ، وحط عن منكبيه كبرياء الربوبية ، وارتعدت فرائصه ، وانتفخ سحره خوفاً وفرقاً ؛ وبلغت به الاستكانة لقومه الذين هم بزعمه عبيده وهو إلههم : أن طفق يؤامرهم ويعترف لهم بما حذر منه وتوقعه وأحسّ به من جهة موسى عليه السلام وغلبته على ملكه وأرضه ، وقوله : { إِنَّ هذا لساحر عَلِيمٌ } قول باهت إذا غلب ومتمحل إذا لزم .