قوله تعالى : { الله يصطفي من الملائكة رسلاً } الآية لما ذكر ما يتعلق بالإلهيات ذكر هاهنا ما يتعلق بالنبوات . قال بعضهم : [ تقدير الكلام : ومن الناس رسلاً . ولا حاجة لذلك ، بل قوله «ومن الناس » مقدَّر التقديم ، أي : يصطفي من الملائكة ومن الناس رسلاً{[31959]} ] . قال مقاتل{[31960]} : قال الوليد بن المغيرة { أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذكر مِن بَيْنِنَا{[31961]} } ؟ [ ص : 8 ] فأنزل الله هذه الآية{[31962]} فإن قيل : كلمة «من » للتبعيض ، فقوله «من الملائكة » يقتضي أن يكون الرسل بعضهم لا كلهم ، وقوله : { جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً{[31963]} } [ فاطر : 1 ] يقتضي كون كلهم رسلاً ، فكيف الجمع ؟
فالجواب : يجوز{[31964]} أن يكون المذكور هاهنا من كان رسلاً إلى بني آدم ، وهم{[31965]} أكابر الملائكة كجبريل وميكائيل وإسرافيل ، والحفظة صلوات الله عليهم ، وأما كل الملائكة فبعضهم رسل إلى البعض{[31966]} . فإن قيل{[31967]} : قوله في سورة الزمر { لَّوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ }{[31968]} [ الزمر : 4 ] فدل على أن ولده يجب أن يكون مصطفى ، وهذه الآية تدل على أن بعض الملائكة وبعض الناس من المصطفين ، فلزم بمجموع الآيتين إثبات الولد .
فالجواب : أن قوله : { لوْ أَرَادَ الله أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاصطفى }{[31969]} [ الزمر : 4 ] يدل على أن كل ولد مصطفى ولا يدل{[31970]} على أن كل مصطفى ولد ، فلا يلزم من دلالة هذه الآية على وجود مصطفى كونه ولداً . وأيضاً فالمراد من هذه الآية تبكيت من عبد غير الله من الملائكة ، كأنه سبحانه أبطل في الآية الأولى قول عبدة الأوثان ، وفي هذه الآية أبطل قول عبدة الملائكة ، فبين أن علو درجة الملائكة ليس لكونهم آلهة لأن الله اصطفاهم لمكان عبادتهم ، فكأنه تعالى بيَّن أنهم { مَا قَدرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ } [ الحج : 74 ] إذ جعلوا الملائكة معبودة مع الله .
ثم بين تعالى{[31971]} : بقوله : { إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ } أنه يسمع ما يقولون ، ويرى ما يفعلون{[31972]} ولذلك أتبعه بقوله تعالى : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ }{[31973]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.