اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِذۡ قَالَ لَهُمۡ شُعَيۡبٌ أَلَا تَتَّقُونَ} (177)

قوله : { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ } ولم يقل : أخوهم ؛ لأنه لم يكن من أصحاب الأيكة في النسب ، فلما ذكر مدين قال : «أَخَاهُمْ »{[37809]} لأنه كان منهم ، وكأن{[37810]} الله تعالى بعثه إلى قومه - أهل مدين - وإلى أصحاب الأيكة{[37811]} .

وفي الحديث : «إِنَّ شُعَيْباً أَخَا مَدْيَن أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة »{[37812]} .

[ قال ابن كثير : ومن زعم من المفسرين كقتادة وغيره أنَّ أصحاب الأيكة أمة أخرى غير أهل مدين فقول ضعيف{[37813]} ، وإنما عمدتهم شيئان :

أحدهما : أنه قال : { كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيكة المرسلين . إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ } ولم يقل : «أَخُوهُمْ » كما قال : { وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } [ الأعراف : 85 ] .

والثاني : أنه ذكر عذابهم ب «يَوْم الظُّلَّةِ » وذكر في أولئك «الرجفة{[37814]} والصيحة »{[37815]} والجواب عن الأول : أنه لم يذكر الأخوة بعد قوله : «أَصْحَابُ الأَيْكَةِ » لأنه وصفهم بعبادة الأيكة ، فلا يناسب ذكر الأخوة هاهنا ، ولما نسبهم إلى القبيلة ساغ ذكر شعيب بأنه أخوهم .

وأما احتجاجهم ب «يَوْمِ الظُّلَّةِ » فإن كان دليلاً على أنهم أمة أخرى فليكن تعداد «الرجفة ، والصيحة » دليلاً على أنهما أمتان ، ولا يقوله أحد .

وأيضاً فقد ذكر الله عن أهل الأيكة من المذمة ما ذكره عن أهل مدين من التطفيف في المكيال والميزان ، فدلّ على أنهم أمة واحدة أهلكوا بأنواع من العذاب ، وذكر في كل موضع ما يناسب ذلك الخطاب ، فاجتمعوا تحت الظلّة ، ورجفت بهم الأرض من تحتهم ، وجاءتهم صيحة من السماء ]{[37816]} .


[37809]:من قوله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيباً} [الأعراف: 85].
[37810]:في الأصل: فكان.
[37811]:انظر البغوي 6/236.
[37812]:انظر الكشاف 3/125، الفخر الرازي 24/163.
[37813]:انظر تفسير ابن كثير 3/345.
[37814]:قال الله تعالى: {فأخذتهم الرَّجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين} [الأعراف: 91].
[37815]:قال الله تعالى: {ولمَّا جاء أمرنا نجَّينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منَّا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين} [هود: 94].
[37816]:ما بين القوسين سقط من ب.