اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ قِيلَ لَهُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡ تُشۡرِكُونَ} (73)

ثم تُوقَدُ بهم النار { ثم قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ الله } يعني الأصنام { قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } أي فقدناهم وغابوا عن عيوننا فلا نراهم ، ثم قالوا : { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } أنكروا ، كقولهم في سورة الأنعام : { والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] وقيل : معناه لم نكن ندعو من قبل شيئاً يضر وينفع . وقال الحسين بن الفضل{[48433]} : أي لم نكن نصنع من قبل شيئاً أي ضاعت عبادتنا لها كما يقول من ضاع عمله : «ما كنت أعمل شَيْئاً »{[48434]} .

ثم قال تعالى : { كَذَلِكَ يُضِلُّ الله الكافرين } قال القاضي : معناه أنه يُضِلُّهم عن طريق الجنة ، ولا يجوز أن يقال : يضلهم عن الحجة ، وقد هداهم في الدنيا ، وقال { يُضِلُّ الله الكافرين } مثل ضلال آلهتهم عنهم يضلهم عن آلهتهم حتى أنهم لو طلبوا الآلهة ، أو طلبتهم الآلهة لم يجد أحدهما الآخر{[48435]} .


[48433]:هو الحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي ثم النيسابوري أبو علي المفسر، الأديب، إمام عصره في معاني القرآن سمع يزيد بن هارون وغيره وروى عنه محمد بن صالح وآخرون، مات سنة 282 هـ ينظر طبقات المفسرين للداودي 1/159، 160.
[48434]:نقله البغوي 6/103.
[48435]:الرازي 27/87، 88.