اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ فَإِذَا جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (78)

قوله : { مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا } يجوز أن يكون «مِنْهُمْ » صفة «لِرُسُلاً » فيكون «مَنْ قَصَصْنَا » فاعلاً لاعتماده ويجوز أن يكون خبراً مقدماً ، و «مَنْ » مبتدأ مؤخر .

ثم في الجملة وجهان :

أحدهما : الوصف «لِرُسُلاً » وهو الظاهر .

والثاني : الاستئناف{[48453]} .

فصل

معنى الآية قال لمحمد ( صلى الله عليه وسلم{[48454]} ) ، أنت كالرسل من قبلك وقد ذكرنا حال بعضهم لك ولم نذكر حال الباقين وليس فيهم أحد أعطاه الله آياتٍ ومعجزاتٍ ، إلا وقد جادله قومُه فيها وكَذَّبُوه فصبروا ، وكانوا أبداً يقترحون على الأنبياء إظهار المعجزات الزائدة على الحاجة عِناداً وعبثاً ، { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } ، والله تعالى علم الصلاح في إظهار ما أظهروه ، فلم يَقْدَحْ ذلك في نُبُوَّتِهِمْ ، فكذلك الحال في اقتراح قومك عليك المعجزات الزائدة لما لم يكن إظهارها صلاحاً لا جَرَمَ ما أظهرناها{[48455]} .

ثم قال : { جَآءَ أَمْرُ الله قُضِيَ بالحق } أي فإذا جاء قضاءُ الله بين الأنبياء والأمم قضي بالحق { وَخَسِرَ هُنَالِكَ المبطلون } وهم المعاندون الذين يجادلون في آيات الله فيقترحون المعجزات الزائدة على قدر الحاجة تعنتاً وعبَثاً .


[48453]:ذكر هذه الإعرابات العكبري في التبيان 1122 والسمين في الدر 4/712.
[48454]:زيادة من أ.
[48455]:الرازي 27/88، 89.