قوله تعالى : { فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ } لما زَيَّفَ طريقة المجادلين في آيات الله تعالى أمر في هذه الآية رسوله بأن يصبرَ على أذاهم بسبب جدالهم ، ثم قال : { إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ } . والمراد ما وعد الرسول نُصْرته ، ومن إنزال العذاب على أعدائه .
قوله : { فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ } قال الزمخشري : أصله : فَإِن نُرِكَ و «ما » مزيدة لتأكيد معنى الشرط ، ولذلك ألحقت النون بالفعل ، ألا ترَاك تقول : «إنْ تُكرِمَنِّي أكْرِمْكَ ، ولكن إِمَّا تُكْرِمَنِّي أُكْرِمْكَ »{[48440]} قال أبو حيان : «وما ذكره{[48441]} من تَلاَزُمِ النون ، ما الزائدة ، ليس مذهب سيبويه ، إنما هو مذهب المبرد{[48442]} ، والزجاج{[48443]} .
ونص سيبويه{[48444]} على التخيير ، وقد تقدمت هذه القواعدُ مستوفاةً .
قوله : { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } ليس جواباً للشرط الأول ، بل جواباً لما عطف عليه .
وجواب الأول محذوف . ( قال الزمخشري{[48445]} : «فَإِلَيْنَا » متعلق بقوله «نَتَوفَّينَّكَ » وجواب نرينك محذوف ) تقديره : فإن نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب والقتل يوم بدر ، فذاك ؛ وإنْ «نَتَوَفَّيَنَّكَ » قبل يوم بدر «فَإِلَيْنَا يُرجَعُونَ » فننتقم منهم أشدُّ الانتقام{[48446]} . وقد تقدم مثلُ هذا في سورة يونس{[48447]} . وبحثُ أبي حَيَّانَ مَعَهُ .
وقال أبو حيان هَهُنَا : وقال بعضهم{[48448]} : جواب «إما نُرِيَنَّكَ » محذوف ؛ لدلالة المعنى عليه أي فتقرّ عينك ، ولا يصح أن يكون » فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ «جواباً للمعطوف عليه والمعطوف ، لأن تركيبَ { فإما نُرينك بعض الذي نعدهم في حياتك فإلينا يرجعون } ليس بظاهر ، وهو يصحُّ أن يكون جواب { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } أي فإِلينا يرجعون فننتقم منهم ونعذبهم ، لكونهم لم يَتَّبِعُوكَ{[48449]} .
ونظير هذه الآية قوله تعالى : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الذي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } [ الزخرف : 41 و42 ] . إلا أنه هنا صرح بجواب الشرط ، قال شهاب الدين : وَهَذَا{[48450]} بعَيْنِهِ هو قولن الزمخشري{[48451]} . وقرأ السُّلَمِيُّ ويَعْقُوبُ : يَرْجِعُونَ بفتح ياء الغيبة مبنياً للفاعل ، وابْنُ مِصْرِفٍ ويعقوبُ أيضاً بفتح الخطاب{[48452]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.