اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

قوله : «وَإِنَّه لعِلْمٌ » المشهور أن الضمير «لِعِيسى يعني نزوله آخر الزمان ، وقيل الضمير للقرآن ، أي فيه علم الساعة وأهوالها ، أو هو علامة على قربها ومنه { اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } [ الأنبياء : 1 ] { اقتربت الساعة } [ القمر : 1 ] ومنه : «بُعثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ{[50020]} » والعامة على «عِلْم » مصدراً جعل علْماً مبالغة ، لمَّا كان به يحصل العلم ، أو لما كان شرطاً يعلم به ذلك أطلق عليه علم . وابنُ م عباس وأبُو هريرة وأبو مَالِكٍ الغفاريّّ{[50021]} وزيد بن علي لَعَلَمٌ ، بفتح العين والفاء أي لشرطٌ وعلامةٌ . وقرا أبو نَضْرَةَ{[50022]} وعِكْرمةُ كذلك إلا أنَّهما عرَّفا باللام فقرآ لَلْعِلْمُ أي للعَلاَمةُ المَعْرُوفَةُ{[50023]} .

فصل

معنى الآية أن نزول عيسى من أشراط الساعة يعلم بها قربها ، قال عليه الصلاة والسلام : «لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَماً عَادِلاً يَكْسرُ الصَّلِيبَ ويَقْتُلُ الْخِنزِير ، وَيَضَعُ الجِزْيَةَ ، وتَهْلِكُ فِي زَمَانِهِ المِلَلُ كُلُّهَا إلاَّ الإسْلاَمَ{[50024]} » ويروى : أنه ينزل على ثنيّة بالأرض المقدسة يقال لها أَفِيق{[50025]} ، وبيده حَرْبَةٌ ، وعليه مُمَصَّرتَانِ{[50026]} ، وشعر رَأسِهِ دَهِينٌ يقتل الدَّجَّالَ ، ويأتي بيتَ المقدس والناس في صلاة العصر وروي في صلاة الصبح فيتأخر الإمام فيتقدمه عيسى عليه الصلاة والسلام ويصلي خَلْفه على شريعة محمد صلى لله عليه وسلم ثم يقتُل الخَنَازِيرَ ، ويكسرُ الصليبَ ، ويخَرب البيعَ والكنائسَ ويقتل النَّصَارَى إلا من آمن به{[50027]} .

قوله : «فَلاَ تَمْتَرُونَّ » من المِرية وهي الشك أي لا تَشُكُّنَّ فيها . قال ابن عباس ( رضي الله عنهما{[50028]} ) لا تكذبوا بها «واتَّبِعُونِي » على التوحيد «هَذَا » الذي أنا عليه «صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ » .


[50020]:ذكره البخاري 3/212 عن سهل بن سعد.
[50021]:هو غزوان الغفاري أبو مالك الكوفي عن البراء بن عازب وابن عباس وعنه سلمة بن كهيل والسدي وانظر خلاصة الكمال 306، وانظر القراءة في الإتحاف 386 ومختصر ابن خالويه 135 والكشاف 3/494 ومعاني الفراء 3/37.
[50022]:هو المنذر بن مالك بن العوقة وهم بطن من عبد قيس وتوفي في ولاية عمر بن هبيرة، وصلى عليه الحسن البصري انظر المعارف لابن قتيبة 449.
[50023]:انظر مختصر ابن خالويه والكشاف السابقين وهي شاذة غير متواترة.
[50024]:هو في صحيح البخاري 2/27 عن ابن المسيب عن أبي هريرة.
[50025]:هو في مكان بالقدس الشريف نفسه.
[50026]:الممصر من الثياب التي فيها صفرة خفيفة.
[50027]:ذكره الثعلبي والزمخشري من حديث أبي هريرة ولم أجده في الصحيح انظر الكشاف 3/494 والقرطبي 16/106 والرازي 27/22.
[50028]:سقط من (ب).