اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۭ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّا ٱلۡمُتَّقِينَ} (67)

قوله تعالى : { الأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ } مبتدأ وخبره «عَدُوٌّ » والتنوين في «يومئذ » عوض عن جملة ، تقديره : يَوْمَئِذ تأتِيهُمْ السَّاعَةُ . والعامل في يَوْمَئذٍ : تَأتِيهُمُ السَّاعَةُ{[50034]} والعامل في «يومئذ » لفظ «عدو »{[50035]} أي عَدَاوتهم في ذلك اليوم .

فصل

معنى الآية الأخلاء على المعصية في الدنيا يومَئِذٍ أي يوم القيامة { بعضهم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين } يعني المتحابين في الله على طاعة الله وهم الموحدون الذين يخالٌّ بعضهم بعضاً على الإيمان والتقوى فإن خلتهم لا تصير عداوة .

روي أبو ثَوْرٍ{[50036]} عن مَعْمَر{[50037]} عن قتادة عن أبي إسحاقَ{[50038]} أنَّ عَلِياً ( رضي الله عنه ){[50039]} قال : في الآية خليلان مؤمنان وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين فقال : يا رب إن فلاناً كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخَيْر ، وينهاني عن الشر ، ويخبرني أني مُلاَقِيكَ يا رب ، فلا تُضِلَّهُ بعدي ، واهْدِهِ كما هديتني وأَكْرِمْهُ كما أكْرَمتنِي ، فإذا مات خليله المؤمن جمع ( الله ) بينهما فيقول ( الله تعالى ) : ليُثْنِ أَحَدُكُمَا على صاحبه فيقول : ( يا رب ){[50040]} نعم الأخ ، ونعم الخليلُ ، ونعم الصاحبُ . قال : ويموت أحد الكافرين فيقول : يا رب إن فلاناً كان ينهاني عن ذاتك وطاعة رسولك ويأمرني بالشر ، وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك فيقول : بئس الأخُ وبئس الخليلُ وبئس الصاحُب{[50041]} .


[50034]:قال بهذا كله السمين في الدر المصون 4/779.
[50035]:السابق وبه قال صاحب الكشاف قبل 3/495.
[50036]:الأودي الحداني حبيب بن أبي مليكة، روى عن ابن مسعود، وعنه: الشعبي وثقه ابن حبان، وانظر الخلاصة 446.
[50037]:معمر بن راشد الأزدي مولى مولاهم عبد السلام بن عبد القدوس أبو عروة البصري ثم اليماني أحد الإعلام عن الزهري وهمام بن منبه وعنه أيوب والثوري مات سنة 153 انظر خلاصة الكمال 384.
[50038]:هو الثعلبي وقد ترجم له.
[50039]:زيادة من أ.
[50040]:ما بين الأقواس زيادة لتوضيح السياق كما في القرطبي.
[50041]:انظر القرطبي 16/109 و110.