قوله تعالى : { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .
قوله : «يُطَافُ عَلَيْهِمْ » قبله محذوف أي يَدْخُلُونَ ( و ) يُطَافُ{[50048]} . والصِّحَافُ جمع صَحْفَةٍ كجَفْنَةٍ وجِفَانٍ ؛ قال الجوهريُّ : الصحْفَةُ كالقَصْعَةِ{[50049]} . وقال الكسائي : أعظم القِصَا الجَفْنة ، ثم القَصْعَة تشبعُ العشرة ، ثم الصفحة تشبع الخمسة ، ثم المَكِيلةَ تشبع الرجلين والثلاثة ( ثم الصحيفة تشبع الرجل ){[50050]} . والصحيفة الكتاب والجمع صُحُفٌ وصَحَائِفُ . وأمال الكسائي في رواية{[50051]} بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ .
«وأكواب » جمع كُوب ، وهو إناء مستدير مدوَّر الرأس لا عُرى له{[50052]} . وقيل : هو كالإبريق إلا أنه عروة له{[50053]} . وقيل : إنه ما لا خرطوم{[50054]} له . وقيل : إنه لا خرطوم له ولا عروة{[50055]} معاً . قال الجواليقي : ليتمكن الشارب من أين شاء ، فِإن العُرْوَةَ تمنع من ذلك{[50056]} ، وقال عديّ :
4417 مُتَّكِئاً تَصْفِقُ أَبْوَابُه *** يَطُوفُ عَلَيْهِ العَبْدُ بالكُوبِ{[50057]}
والتقدير : وأكواب من ذهب . فقوله : { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ } إشارة إلى المطعوم ، وقوله : «وَأَكْوَابٍ » إشارة إلى المشروب . ثم إنه تعالى لما ذكر التفصيل ذكر بياناً كلياً فقال : { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين } أي في الجنة .
قوله : { مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس } قرأ نافع وابن عامر وحفص تَشْتَهِيهِ{[50058]} بإثبات العائد على الموصول ، كقوله : ك { الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان } [ البقرة : 275 ] . والباقون بحذفه كقوله : { أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً } [ الفرقان : 41 ] . وهذه القراءة شبيهة بقوله : { وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } [ يس : 35 ] . وقد تقدم يسَ . وهذه الهاء في هذه السورة رسمت في مصاحف المدينة والشام وحذفت من غيرها{[50059]} .
وقد وقع لأبي عبد الله الفاسي{[50060]} شارح القصيدة{[50061]} وَهَم فسبق قلمه فكتب والهاء منه محذوفة في مصاحف المدينة والشام ثابتة في غيرهما{[50062]} أراد أن يكتب ثابتة في مصاحف المدينة والشام محذوفة من غيرهما فعكس . وفي مصحف عبد الله : تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّهُ الأعيُنُ بالهاء فيِهِمَا{[50063]} .
روي أن رجلاً قال يا رسول الله ( هل ) في الجنَّة خَيْلٌ ؟ فإني أُحب الخيل فقال : إن يُدْخِلْكَ الله الجنة فلا تشاء أن يركبك فرساً من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت إلا فَعَلْتَ . فقال أعرابي يا رسول الله : أفي الجنة إبل ؟ فإني أحب الإبل فقال يا أعرابي : إنْ أَدْخَلَك الله الجنَّة أَصَبْتَ فيها ما اشتهت نفسك ولَذَّتْ عَيْنُك{[50064]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.