اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالَ قَدۡ جِئۡتُكُم بِٱلۡحِكۡمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي تَخۡتَلِفُونَ فِيهِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ} (63)

قوله تعالى : { وَلَمَّا جَاءَ عيسى بالبينات } أي بالمعجزات وبالشرائع البينات الواضحات { قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بالحكمة } وهي النبوة . وقيل : معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله { وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الذي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ } من أحكام التوراة{[50029]} .

قال قتادة : يعني اختلاف الفرق الذين تحزّبوا في أمر عيسى . قال الزجاج : الذي جاء به عيسى في الإنجيل إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه فبين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه{[50030]} .

وقيل : كانوا قد اختلفوا في أشياء من أحكام التكاليف ، واتفقوا على أشياء فجاء عيسى ليبين لهم الحقَّ في تلك المسائل الخلافية{[50031]} .

قال ابن الخطيب : وبالجملة فالحكمة معناها أصول الدين ، وبعض الذي يختلفون فيه معناه فروع الدين{[50032]} .

فإن قيل : لِمَ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ كُلَّ الذي يختلفون فيه ؟

فالجواب : لأن الناس قد اختلفوا في أشياء لا حاجة لهم إلى معرفتها فلا يجب على الرسول بيانُهَا . ولما بين لهم الأصول والفروع قال : «فَاتَّقُوا اللهَ » من الكفر والإعراض عني دينه «وَأطِيعُوهُ » فيما أبلغه إليكم من التكاليف ،


[50029]:القرطبي المرجع السابق.
[50030]:معاني القرآن وإعرابه 4/418.
[50031]:وهو رأي الإمام الرازي 27/223.
[50032]:قاله في مرجعه السابق.