قوله : { إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ } جملة واقعة صفة لقوله : «مِنْ آيَةٍ » فنحكم{[49915]} على موضعها بالجر اعتباراً باللفظ ، وبالنصب اعتباراً بالمحلِّ{[49916]} . وفي معنى قوله : «أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا » أوجه :
أحدها : قال ابن عطية : هم أنهم يستعظمون الآية التي تأتي لجدَّة أمرها وحدوثه ، لأنهم أَنِسُوا بتلك الآية السابقة فيعظُم أمرُ الثانية ويكبرُ{[49917]} وهذا كقول الشاعر :
4409 عَلَى أَنَّها تَعْفُو الكُلُومَ وَإِنَّمَا *** تُوَكَّلُ بالأَدْنَى وَإِنْ جَلَّ مَا بَمْضِي{[49918]}
الثاني : قيل : إن المعنى إلا هي أكبر من أختها السابقة ، فحذف الصفة للعلم بها{[49919]} .
الثالث : قال الزمخشري : فإن قُلْتَ : هو كلام مناقض ؛ لأن معناه ما من آية من التِّسْع إلا وَهِيَ أكبر من كل واحدة ، فتكون كل واحدة منها فاضلة ومفضولة في حالة واحدة .
قلْتُ : الغرض بهذا الكلام وصفين{[49920]} بالكِبَر ، لا يَكَدنَ يَتَفَاوَتْنَ فيه وكذلك العادة في الأشياء التي تتقارب{[49921]} في الفضل التقارب اليسير تختلف آراء الناس في تفصيلها ، فبعضهم يفضل هذا وبعضهم يُفَضِّل هذا ، وربما اختلف آراء الواحد فيها ، كقول الحماسي :
4410 مَنْ تَلْقَ مِنْهُمْ تَقُلْ لاقَيْتَ سَيِّدَهُمْ *** مِثْلَ النُّجُومِ الَّتِي يُهْدَى بِهَا السَّارِي{[49922]}
وقالت الأنبارية في الجملة من أبنائها{[49923]} : ثَكِلْتُهُمْ إنْ كُنْتُ أعْلَمُ أَيُّهُمْ أَفْضَلُ ، هُمْ كَالحَلْقَةِ المُفْرَغَةِ لَا يُدْرَى أَيْنَ طَرَفَاهَا{[49924]} .
انتهى كلامه{[49925]} .
وأوله فظيع جداً ، كأن العبارات ضاقت عليه حتى قال ما قال ، وإن كان جوابُهُ حسناً فسُؤاله فظيع{[49926]} .
ثم قال : { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } أي قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها وَأَخَذْنَاهُمْ بالعَذَابِ أي بالسنين والطوفان ، والجراد والقمل والضفادع والدم والطَّمس ، فكانت هذه دَلالات لموسى وعذاباً ، وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عن الكفر إلى الإيمان .
قالت المعتزلة : هذا يدل على أنه تعالى يريد الإيمان من الكل فإنه إنما أظهر تلك المعجزات القاهرة لإرادة أن يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان{[49927]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.