مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

وأما مناة فهي فعلة صنم الصفا ، وهي صخرة كانت لهذيل وخزاعة ، وفيه مسائل :

المسألة الأولى : الآخر لا يصح أن يقال إلا إذا كان الأول مشاركا للثاني فلا يقال رأيت امرأة ورجلا آخر ، ويقال رأيت رجلا ورجلا آخر لاشتراك الأول والثاني في كونهما من الرجال وهاهنا قوله { الثالثة الأخرى } يقتضي على ما ذكرنا أن تكون العزى ثالثة أولى ومناة ثالثة أخرى وليس كذلك ، والجواب عنه من وجوه : ( الأول ) الأخرى كما هي تستعمل للذم ، قال الله تعالى : { وقالت أولاهم لأخراهم } أي لمتأخرتهم وهم الأتباع ويقال لهم الأذناب لتأخرهم في المراتب فهي صفة ذم كأنه تعالى يقول ومناة الثالثة المتأخرة الذليلة ، ونقول على هذا للأصنام الثلاثة ترتيب ، وذلك لأن الأول كان وثنا على صورة آدمي والعزى صورتها صورة نبات ومناة صورتها صورة صخرة هي جماد ، فالآدمي أشرف من النبات ، والنبات أشرف من الجماد ، فالجماد متأخر والمناة جماد فهي في الأخريات من المراتب ( الجواب الثاني ) فيه محذوف تقديره أفرأيتم اللات والعزى المعبودين بالباطل ومناة الثالثة المعبودة الأخرى ( والجواب الثالث ) هو أن الأصنام كان فيها كثرة واللات والعزى إذا أخذتا متقدمتين فكل صنمة توجد فهي ثالثة ، فهناك ثوالث فكأنه يقول لهما ثوالث كثيرة وهذه ثالثة أخرى ، وهذا كقول القائل يوما ويوما ( والجواب الرابع ) فيه تقديم وتأخير تقديره ومناة الأخرى الثالثة ، ويحتمل أن يقال الأخرى تستعمل لموهوم أو مفهوم وإن لم يكن مشهورا ولا مذكورا يقول من يكثر تأذيه من الناس إذا آذاه إنسان الآخر جاء يؤذينا ، وربما يسكت على قوله أنت الآخر فيفهم غرضه كذلك هاهنا .

المسألة الثانية : وهي في الترتيب أولى ما فائدة الفاء في قوله { أفرأيتم اللات والعزى } وقد استعمل في مواضع بغير الفاء ؟ قال تعالى : { أرأيتم ما تدعون من دون الله } { أرأيتم شركاءكم } ، نقول لما قدم من عظمة آيات الله في ملكوته أن رسول الله إلى الرسل الذي يسد الآفاق ببعض أجنحته ويهلك المدائن بشدته وقوته لا يمكنه أن يتعدى السدرة في مقام جلال الله وعزته ، قال أفرأيتم هذه الأصنام مع زلتها وحقارتها شركاء الله مع ما تقدم ، فقال بالفاء أي عقيب ما سمعتم من عظمة آيات الله تعالى الكبرى ونفاذ أمره في الملأ الأعلى وما تحت الثرى ، فانظروا إلى اللات والعزى تعلموا فساد ما ذهبتم إليه وعولتم عليه .

المسألة الثالثة : أين تتمة الكلام الذي يفيد فائدة ما ؟ نقول قد تقدم بيانه وهو أنه يقول هل رأيتم هذه حق الرؤية ، فإن رأيتموها علمتم أنها لا تصلح شركاء ، نظيره ما ذكرنا فيمن ينكر كون ضعيف يدعي ملكا ، يقول لصاحبه أما تعرف فلانا مقتصرا عليه مشيرا إلى بطلان ما يذهب إليه .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

19 - أعلمتم ذلك ففكرتم في شأن اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى ، التي اتخذتموها آلهة تعبدونها ؟ .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

قوله جلّ ذكره : { أَفَرَأيْتُمْ الَّلاَتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرَُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذاَ قِسْمَةٌ ضِيزَى } .

هذه أصنامٌ كانت العرب تعبدها ؛ فاللات صنمٌ لثقيف ، والعُزَّى شجرةٌ لغطفان ، ومناة صخرة لهذيل وخزاعة .

ومعنى الآية : أَخْبِرونا . . . هل لهذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله من القدرة أن تفعل بعائذٍ بها ما فَعَلْنا نحن لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم من الرُّتب والتخصيص ؟ .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

الملك لله وحده

{ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ( 19 ) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ( 20 ) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ( 21 ) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ( 22 ) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ( 23 ) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ( 24 ) فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى ( 25 ) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى( 26 ) }

19

المفردات :

اللات : صنم لثقيف ، وأصل ذلك أن رجلا كان يلتّ السويق للحاج ، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه ، ويُظنّ أن ( اللات ) مؤنث لفظ الجلالة ( الله ) سبحانه وتعالى :

العزى : شجرة عليها بناء وأستار بنخلة ، وهي بين مكة والطائف ، وكانت قريش تعظمها ، كما قال أبو سفيان يوم أُحُد : ( لنا العزى ولا عزّى لكم ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله مولانا ولا مولى لكم " ، ويظنّ أن العزّى مؤنث العزيز .

مناة : صخرة بالمشلل ، عند قديد بين مكة والمدينة ، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة ، وكانت دماء النسائك تمنى عندها ، أي : تراق .

الأخرى : المتأخرة الوضيعة القدر .

التفسير :

19-20- { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى } .

هذه أصنام كانت تعبدها العرب في الجاهلية ، وهنا يقرعهم القرآن ويوبخهم على عبادتهم لها ، وهي لا تملك أن تخلق مثل هذا الكون ، ولا تملك أن تختار رسولا مثل محمد ، ولا أن تختار ملاكا مثل جبريل ينزل بالوحي ، فلماذا يتركون الله العظيم القادر الخالق الرازق ، ويتجهون بعبادتهم إلى هذه الأصنام ، ومن هذه الأصنام :

( أ‌ ) اللات : وكانت صخرة بيضاء منقوشا عليها نقوش ، وهي داخل بيت بالطائف ، له أستار وسدنة ، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف ، وقيل : إن اللات رمز لرجل كان يلتُّ السويق للحاج على حجر ، فلما مات عبدوا ذلك الحجر إجلالا له ، وسموه بذلك ، وبقيت اللات إلى أن أسلمت ثقيف ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار .

( ب‌ ) العزّى : وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة ، بين مكة والطائف لغطفان ، وكانت قريش تعظمها ، كما قال أبو سفيان يوم أحد : لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " x .

وقد ذهب خالد بن الوليد إلى العزّى فهدمها ، وهو يقول :

يا عزّ كفرانك لا سبحانك *** إني رأيت الله قد أهانك

( أ‌ ) مناة : وكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة ، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها ، ويهلّون منها للحج إلى الكعبة ، وتذبح عندها القرابين ، وسميت ( مناة ) لأن الدماء كانت تمنى عندها ، أي : تراق .

وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فهدمها عام الفتح .

" وكانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخرى ، تعظمها العرب كتعظيم الكعبة ، غير هذه الثلاثة التي نصَّت عليها الآية ، وإنما أفردت هذه بالذكر لأنها أشهر من غيرها " . xi

قال ابن إسحاق :

كانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت ، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة ، لها سدنة وحُجّاب ، تطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها .

وخلاصة المعنى : أخبروني يا معشر الكفار عن هذه الآلهة التي تعبدونها – اللات والعزّى ومناة – هل لها من القدرة والعظمة والخلق والإبداع مثل الله تعالى حتى عبدتموها ، وطفتم حولها ، وزعمتم أنها آلهة ؟

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

{ الثالثة } وصف للتأكيد . { الأخرى } صفة ذم للثالثة بأنها متأخرة في الرتبة وضيعة القدر ، وكانت عندهم أعظم الثلاثة . وتتضمن ذم السابقتين أيضا .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

مَناة : وهي أقدم هذه الأصنام ، وكان صنمه منصوباً على ساحل البحر بناحية المشلل بِقَديدٍ ، بين المدينة ومكة . وكانت العرب جميعا تعظّمه وتذبح حوله . وكانت الأوسُ والخزرج تعظّمه أكثرَ من جميع العرب ، وكانوا يحلقون رؤوسهم عند مناة . وبعد فتح مكة أرسل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب كرم الله وجهه فهدَمها وأخذ ما كان لها . وكان من جملة ما وجدَ عندها سيفان ، فوهبَهما الرسولُ إلى علي رضي الله عنه . والعرب تسمى : عبدَ مناة وزيدَ مناة ، وكانت أقدم الأصنام الثلاثة .

قراءات :

قرأ ابن كثير : مناءة بمدّ الألف والهمزة المفتوحة ، والباقون : مناة .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

شرح الكلمات :

{ ومناة الثالثة الأخرى } : وجعلتموها بناتٍ لله ، افتراء على الله وكذبا عليه .

/د19

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

و " مناة " من " المنان " إلحادا في أسماء الله وتجريا على الشرك به ، وهذه أسماء متجردة عن المعاني ، فكل من له أدنى مسكة من عقل ، يعلم بطلان هذه الأوصاف فيها .