النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ} (20)

{ وَمَنَوةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : أنه كان صنماً بقديد بين مكة والمدينة ، قاله أبو صالح .

الثاني : أنه بيت كان بالمسلك يعبده بنو كعب .

الثالث : أنها أصنام من حجارة كانت في الكعبة يعبدونها .

الرابع : أنه وثن كانوا يريقون عنده الدماء يتقربون بذلك إليه ، وبذلك سميت منى لكثرة ما يراق بها من الدماء .

وإنما قال : مناة الثالثة الأخرى{[2805]} ، لأنها كانت مرتبة عند المشركين في التعظيم بعد اللات والعزى ، وروى سعيد بن جبير وأبو العالية الرياحي أنه لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم { أَفََرأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى } الآية . ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم ترتجى ، وفي رواية أبي العالية : وشفاعتهم ترتضى ومثلهم لا ينسى ، ففرح المشركون وقالوا : قد ذكر آلهتنا ، فنزل جبريل فقال : أعرض عليّ ما جئتك به فعرض عليه ، فقال : لم آتك أنا بهذا وهذا من الشيطان ، فأنزل الله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُوْلٍ وَلاَ نَبِّيٍ إلاَّ إذا تََمَنَّى ألْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ{[2806]} } .


[2805]:في لغة العرب لا يقال للثالثة أخرى، وإنما الأخرى نعت للثانية فلما جاءت الآية على غير ذلك علل لذلك المؤلف بتعليله المذكور.
[2806]:آية 25 الحج. وهذا الحديث أخرجه ابن أبي حاتم وابن المنذر، وسبق في تفسير سورة الحج بيان نكارة هذه القصة.