قوله : { وَمَنَاةَ } : قرأ ابن كثير " مَناءَة " بهمزةٍ مفتوحةٍ بعد الألف ، والباقون بألفٍ وحدَها ، وهي صخرةٌ كانت تُعْبَدُ من دونِ اللَّه . فأمَّا قراءةُ ابنِ كثير فاشتقاقُها من النَّوْء ، وهو المطرُ لأنهم يَسْتَمطرون عندها الأَنْواء ، ووزنُها حينئذٍ مَفْعَلَة فألفُها عن واوٍ ، وهمزتُها أصليةٌ ، وميمُها زائدةٌ . وأنشدوا على ذلك :
ألا هل أَتَى تَيْمَ بنَ عبدِ مَناءة *** علَى النَّأْيِ فيما بيننا ابنُ تميمِ
وقد أَنْكر أبو عبيد قراءةَ ابن كثير ، وقال : " لم أسمع الهمز " . قلت : قد سمعه غيرُه ، والبيتُ حُجَّةٌ عليه .
وأمَّا قراءةُ العامَّة فاشتقاقُها مِنْ مَنى يَمْني أي : صبَّ ؛ لأن دماءَ النَّسائِكِ كانت تُصَبُّ عندها ، وأنشدوا لجرير :
أزيدَ مَناةَ تُوْعِدُ يا بنَ تَيْمٍ *** تَأَمَّلْ أين تاهَ بك الوعيدُ
وقال أبو البقاء : " وألفه من ياءٍ لقولِك : مَنَى يَمْني إذا قدَّر ، ويجوز أَنْ تكونَ من الواو ، ومنه مَنَوان " فوزْنُها على قراءة القصر فَعْلة .
" والأُخْرى " صفةٌ لمَناة . قال أبو البقاء : " والأُخْرى توكيدٌ ؛ لأنَّ الثالثةَ لا تكونُ إلاَّ أُخرَى " . وقال الزمخشري : " والأُخْرى ذَمٌ وهي المتأخرةُ الوضيعةُ المقدارِ ، كقولِه : { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ } [ الأعراف : 38 ] أي : وُضَعاؤُهم لأَشْرافِهم ، ويجوزُ أَنْ تكونَ الأَوَّليةُ والتقدمُ عندهم لِلاَّت والعُزَّى " . انتهى . وفيه نظرٌ ؛ لأنَّ الأخرى إنما تدلُّ على الغَيْرِيَّة وليس فيها تَعَرُّضٌ لمَدْح ولا ذَمٍّ ، فإن جاء شيءٌ مِنْ هذا فلقرينةٍ خارجيةٍ . وقيل : الأُخْرى صفةٌّ للعُزَّى ؛ لأنَّ الثانيةَ أُخْرى بالنسبة إلى الأُوْلى . وقال الحسين ابن الفضل : " فيه تقديمٌ وتأخيرٌ " أي : العُزَّى الأخرى ومناةَ الثالثة ، ولا حاجةَ إلى ذلك لأنَّ الأصلَ عدمُه .
و " أرأيت " بمعنى أَخْبِرْني فيتعدَّى لاثنين ، أوَّلُهما : " اللات وما عُطِف عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.