مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

قوله تعالى : { كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين } وفيه بيان أسباب التنعيم على الترتيب ، فأول ما يكون المسكن وهو الجنات ثم الأكل والشرب ، ثم الفرش والبسط ثم الأزواج ، فهذه أمور أربعة ذكرها الله على الترتيب ، وذكر في كل واحد منها ما يدل على كماله قوله { جنات } إشارة إلى المسكن والمسكن للجسم ضروري وهو المكان ، فقال : { فاكهين } لأن مكان التنعيم قد ينتغص بأمور وبين سبب الفكاهة وعلو المرتبة يكون مما آتاهم الله ، وقد ذكرنا هذا ، وأما في الأكل والشرب والإذن المطلق فترك ذكر المأكول والمشروب لتنوعهما وكثرتهما ، وقوله تعالى : { هنيئا } إشارة إلى خلوهما عما يكون فيها من المفاسد في الدنيا ، منها أن الآكل يخاف من المرض فلا يهنأ له الطعام ، ومنها أنه يخاف النفاد فلا يسخو بالأكل والكل منتف في الجنة فلا مرض ولا انقطاع ، فإن كل أحد عنده ما يفضل عنه ، ولا إثم ولا تعب في تحصيله ، فإن الإنسان في الدنيا ربما يترك لذة الأكل لما فيه من تهيئة المأكول بالطبخ والتحصيل من التعب أو المنة أو ما فيه من قضاء الحاجة واستقذار ما فيه ، فلا يتهنأ ، وكل ذلك في الجنة منتف . وقوله تعالى : { بما كنتم تعملون } إشارة إلى أنه تعالى يقول أي مع أني ربكم وخالقكم وأدخلتكم بفضلي الجنة ، وإنما منتي عليكم في الدنيا إذ هديتكم ووفقتكم للأعمال الصالحة كما قال تعالى : { بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان } . وأما اليوم فلا من عليكم لأن هذا إنجاز الوعد فإن قيل قال في حق الكفار { إنما تجزون ما كنتم تعملون } وقال في حق المؤمنين { بما كنتم تعملون } فهل بينهما فرق ؟ قلت بينهما بون عظيم من وجوه ( الأول ) كلمة { إنما } للحصر أي لا تجزون إلا ذلك ، ولم يذكر هذا في حق المؤمن فإنه يجزيه أضعاف ما عمل ويزيده من فضله ، وحينئذ إن كان يمن الله على عبده فيمن بذلك لا بالأكل والشرب ( الثاني ) قال هنا { بما كنتم } وقال هناك { ما كنتم } أي تجزون عين أعمالكم إشارة إلى المبالغة في المماثلة كما تقول هذا عين ما عملت وقد تقدم بيان هذا وقال في حق المؤمن { بما كنتم } كأن ذلك أمر ثابت مستمر بعملكم هذا ( الثالث ) ذكر الجزاء هناك وقال هاهنا { بما كنتم تعملون } لأن الجزاء ينبئ عن الانقطاع فإن من أحسن إلى أحد فأتى بجزائه لا يتوقع المحسن منه شيئا آخر . فإن قيل فالله تعالى قال في مواضع { جزاء بما كانوا يعملون } في الثواب ، نقول في تلك المواضع لما لم يخاطب المجزي لم يقل تجزى وإنما أتى بما يفيد العالم بالدوام وعدم الانقطاع .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

19- يقال لهم : كلوا طعاماً هنيئاً ، واشربوا شراباً سائغاً ، جزاء بما كنتم تعملون في الدنيا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

ومع النعيم ولذته التهنئة والتكريم :

( كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ) . . وهذا بذاته متاع أكرم . وهم ينادون هذا النداء العلوي ، ويعلن استحقاقهم لما هم فيه :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

{ كلوا واشربوا هنيئا } أي أكلا وشرابا { هنيئا } ، أو طعاما وشرابا { هنيئا } وهو الذي لا تنغيص فيه . { بما كنتم تعملون } بسببه أو بدله ، وقيل الباء زائدة و " ما " فاعل { هنيئا } ، والمعنى هنأكم ما كنتم تعملون أي جزاؤه .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

قوله جلّ ذكره : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .

قوم يصير لهم ذلك هنيئاً بطَعْمِه ولَذَّتِه ، وقومٌ يصير هنيئاً لهم سماعُ قولهم عنه – سبحانه - هنيئاً ، وقوم يصير لهم ذلك هيناَ ليِّناً وهم بمشهد منه :

فاشرب على وجهها كَغُرَّتِها *** مُدامةً في الكؤوس كالشَّررِ

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

17

المفردات :

هنيئا : الطعام الهنيء : ما لا يلحق المرء فيه مشقة ، ولا يعقبه تخمة ولا سقم .

زوَّجناهم : قرنّاهم .

التفسير :

19- { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .

أي : يقال لأهل الجنة تكريما وتعظيما وتنعيما لهم : كلوا أكلا هنيئا ، واشربوا شربا هنيئا ، تكون فيهما هناءة الجسم ، وسعادة النفس ، بلا مرض ولا تعب ولا وخم ، ولا عاقبة سيئة ، ولا خوف ولا حزن ، بل هناءة وسعادة وفرح وحبور ، ونضارة وأمن جزاء ما قدمتم في الدنيا من العبادة والصلاح ، والاستقامة على الجادة ، والبعد عن الشبهات ، واجتناب المحرمات .

قال الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسير المراغي :

وفي قوله : هنيئا . إشارة إلى خلو المآكل والمشارب مما ينغِّصهما ، فإن الآكل قد يخاف المرض فلا يهنأ له الطعام ، أو يخاف النفاد فيحرص عليه ، أو يتعب في تحصيله وتهيئته بالطبخ والإنضاج ، ولا يكون شيء من هذا في الآخرة . أ . ه .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

{ كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً } أي يقال لهم { كُلُواْ واشربوا } أكلا وشربا هنيئاً ، أو طعاماً وشراباً هنيئاً ، فالكلام بتقدير القول ، و { هَنِيئَاً } نصب على المصدرية لأنه صفة مصدر . أو على أنه مفعول به ، وأياً مّا كان فقد تنازعه الفعلان ، والهنيء كل ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقب وخامة { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي بسببه أو بمقابلته والباء عليهما متعلق بكلوا واشربوا على التنازع ، وجوز الزمخشري كونها زائدة وما بعدها فاعل هنيئاً كما في قول كثير

: هنيئاً مريئاً غير داء مخامر *** لعزة من أعراضنا ما استحلت

فإن ما فيه فاعل هنيئاً على أنه صفة في الأصل بمعنى المصدر المحذوف فعله وجوباً لكثرة الاستعمال كأنه قيل : هنؤ لعزة المستحل من أعراضنا ، وحينئذ كما يجوز أن يجعل ما هنا فاعلاً على زيادة الباء على معنى هنأكم ما كنتم تعملون يجوز أن يجعل الفاعل مضمراً راجعاً إلى الأكل أو الشرب المدلول عليه بفعله ، وفيه أن الزيادة في الفاعل لم تثبت سماعاً في السعة في غير فاعل { كفى } [ النساء : 6 ] على خلاف ولا هي قياسية في مثل هذا ومع ذلك يحتاج الكلام إلى تقدير مضاف أي جزاء ما كنتم الخ ، وفيه نوع تكلف .

ومما ذكروه من باب الإشارة : { كُلُواْ } من ثمرات المعارف المختصة باللطيفة النفسية { واشربوا } [ الطور : 19 ] من مياه العيون المختصة باللطيفة القلبية

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (19)

المعنى :

ويقال لهم : { كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون } أي بسبب ما كُنتم تعملونه من أعمال البر والإِصلاح بعد الفرائض واجتناب الشرك والمعاصي .

الهداية

من الهداية :

- مشروعية الدعاء بكلمة هنيئا لمن أكل أو شرب ائتساء بأهل الجنة .

- الإِيمان والأعمال الصالحة سبب في دخول الجنة وليست ثمنا لها لأن الجنة أغلى من عمل الإنسان ، وإنما العمل الصالح يزكى النفس فيؤهل صاحبها لدخول الجنة فالباء في قوله { بما كنتم تعملون } سببية وليست للعوض كما في قولك بعتك الدار بألف مثلا .