مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

قوله تعالى : { اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون } أي إذا لم يمكنكم إنكارها وتحقق أنه ليس بسحر ولا خلل في أبصاركم فاصلوها . وقوله تعالى : { فاصبروا أو لا تصبروا } فيه فائدتان : ( إحداهما ) بيان عدم الخلاص وانتفاء المناص فإن من لا يصبر يدفع الشيء عن نفسه إما بأن يدفع المعذب فيمنعه وإما بأن يغضبه فيقتله ويريحه ولا شيء من ذلك يفيد في عذاب الآخرة فإن من لا يغلب المعذب فيدفعه ولا يتلخص بالإعدام فإنه لا يقضي عليه فيموت ، فإذن الصبر كعدمه ، لأن من يصبر يدوم فيه ، ومن لا يصبر يدوم فيه ( الثانية ) بيان ما يتفاوت به عذاب الآخرة عن عذاب الدنيا ، فإن المعذب في الدنيا إن صبر ربما انتفع بالصبر إما بالجزاء في الآخرة ، وإما بالحمد في الدنيا ، فيقال له ما أشجعه وما أقوى قلبه ، وإن جزع يذم ، فيقال يجزع كالصبيان والنسوان ، وأما في الآخرة لا مدح ولا ثواب على الصبر ، وقوله تعالى : { سواء عليكم } { سواء } خبر ، ومبتدأه مدلول عليه بقوله { فاصبروا أو لا تصبروا } كأنه يقول : الصبر وعدمه سواء ، فإن قيل يلزم الزيادة في التعذيب ، ويلزم التعذيب على المنوي الذي لم يفعله ، نقول فيه لطيفة ، وهي أن المؤمن بإيمانه استفاد أن الخير الذي ينويه يثاب عليه ، والشر الذي ينويه ولا يحققه لا يعاقب عليه ، والكافر بكفره صار على الضد ، فالخير الذي ينويه ولا يعمله لا يثاب عليه ، والشر الذي يقصده ولا يقع منه يعاقب عليه ولا ظلم ، فإن الله تعالى أخبره به ، وهو اختار ذلك ودخل فيه باختياره ، كأن الله تعالى قال : فإن من كفر ومات كافرا أعذبه أبدا فاحذروا ، ومن آمن أثيبه دائما ، فمن ارتكب الكفر ودام عليه بعد ما سمع ذلك ، فإذا عاقبه المعاقب دائما تحقيقا لما أوعده به لا يكون ظالما .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

16- ادخلوها وذوقوا حرَّها ، فاصبروا على شدائدها أو لا تصبروا ، فصبركم وعدمه سواء عليكم ، إنما تلاقون اليوم جزاء ما كنتم تعملون في الدنيا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

وحين ينتهي هذا التأنيب الساخر المرير يعاجلهم بالتيئيس البئيس . ( اصلوها . فاصبروا أو لا تصبروا . سواء عليكم . إنما تجزون ما كنتم تعملون ) . .

وليس أقسى على منكوب بمثل هذه النكبة . من أن يعلم أن الصبر وعدم الصبر سواء . فالعذاب واقع ، ما له من دافع . وألمه واحد مع الصبر ومع الجزع . والبقاء فيه مقرر سواء صبر عليه أم هلع . . والعلة أنه جزاء على ما كان من عمل . فهو جزاء له سببه الواقع فلا تغيير فيه ولا تبديل !

وبذلك ينتهي هذا المشهد الرعيب ؛ كما ينتهي الشوط الأول بإيقاعه العنيف .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

{ اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا } أي ادخلوها على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه فإنه لا محيص لكم عنها . { سواء عليكم } أي الأمران الصبر وعدمه . { إنما تجزون ما كنتم تعملون } تعليل للاستواء فإنه لما كان الجزاء واجب الوقوع كان الصبر وعدمه سيين في عدم النفع .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

قوله جلّ ذكره : { اصْلوْهَا فَاصْبِرُواْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .

والصبرُ على الجزاء في العاقبة لا قيمة له ، لأنَّ عذابَهم عقوبةٌ لهم :

قوله جلّ ذكره : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ } .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

1

المفردات :

اصلوها : ادخلوها وقاسوا حرّها وشدائدها .

التفسير :

16- { اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لاَ تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .

ادخلوا جهنم واصطلوا بنارها ، وتعذَّبوا بعذابها ، والصبر وعدمه سواء ، كما قال سبحانه حكاية عنهم : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } .

( إبراهيم : 21 ) .

فلا مهرب لكم من النار ، ولا مخرج لكم من العذاب ، وهذا العذاب جزاء أعمالكم في الدنيا ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، ولا يظلم ربك أحدا . ( الكهف : 49 ) ، بل يجازي كلّ أحد بعمله .

ونلاحظ أن الصبر في الدنيا له ثواب في الآخرة ، وهو محمود عند الناس ، فيقال للصابر : ما أشجعه ، أو ما أقوى إيمانه ، أو ما أثبت يقينه ، ويقال لمن أصابه الجزع والهلع : إنه يجزع كالنسوان والصبيان .

وقد ذكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعا ، وحث عليه القرآن وبيّن فضله وثوابه ، أما في الآخرة ، فإن صبر الكافر على عذاب جهنم ، أو عدم صبره لن ينقذه من العذاب .

قال الزمخشري :

وقوله : { إنّما تُجزون ما كنتم تعملون } . تعليل للاستواء ، لأن الصبر يكون مزية على الجزع ، لنفعه في العاقبة ، بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير ، فأما الصبر على العذاب – الذي هو الجزاء – ولا عاقبة له ، ولا منفعة فيه ، فلا مزية له على الجزع . أ . ه .

والخلاصة :

إن الجزاء محتم الوقوع ، لِسَبْقِ الوعيد به في الدنيا على ألسنة الرسل ، ولقضاء الله به بمقتضى عدله ، فالصبر وعدمه سيّان حينئذ .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

{ اصلوها } ادخلوها ، أو قاسوا حرّها [ آية 10 النساء ص 141 ] .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

اصلَوها : ذوقوا حرها .

فادخلوها وقاسوا حَرَّها وعذابها . وسواء عليكم أصبرتم أم لم تصبروا ، فليس لكم منها مَهرب ، وأنتم تلاقون اليوم ذلك الجزاء الذي كنتم توعَدون به على أعمالكم السيئة في الدنيا .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

{ سَوَاء عَلَيْكُمْ } أي الأمران سواء عليكم في عدم النفع إذ كل لا يدفع العذاب ولا يخففه فسواء خبر مبتدأ محذوف وصح الإخبار به عن المثنى لأنه مصدر في الأصل ، وجوز كونه مبتدأ محذوف الخبر وليس بذاك ، وقوله تعالى : { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تعليل للاستواء فإن الجزاء حيث كان متحتم الوقوع لسبق الوعيد به وقضائه سبحانه إياه بمقتضى عدله كان الصبر ودمه مستويين في عدم النفع .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

شرح الكلمات :

{ اصلوها } : أي اصطلوا بحرها .

{ فاصبروا أو لا تصبروا } : أي صبركم وعدمه عليكم سواء .

المعنى :

ويُقال لهم أيضا تبكيتاً وتقريعاً فاصبروا على عذاب النار أو لا تصبر سواء عليكم أي صبركم وعدمه عليكم سواء . إنما تجزون ما كنتم تعلمون أي في الدنيا من الشرك والمعاصي .

الهداية

من الهداية :

- تقرير قاعدة الجزاء من جنس العمل .