مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالُواْ لَئِنۡ أَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّآ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (14)

فلما ذكر يعقوب عليه السلام هذا الكلام أجابوا بقولهم : { لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون } وفيه سؤالات :

السؤال الأول : ما فائدة اللام في قوله : { لئن أكله الذئب } .

والجواب من وجهين : الأول : أن كلمة إن تفيد كون الشرط مستلزما للجزاء ، أي إن وقعت هذه الواقعة فنحن خاسرون ، فهذه اللام دخلت لتأكيد هذا الاستلزام . الثاني : قال صاحب «الكشاف » هذه اللام تدل على إضمار القسم تقديره : والله لئن أكله الذئب لكنا خاسرين .

السؤال الثاني : ما فائدة الواو في قوله : { ونحن عصبة } .

الجواب : أنها واو الحال حلفوا لئن حصل ما خافه من خطف الذئب أخاهم من بينهم وحالهم أنهم عشرة رجال بمثلهم تعصب الأمور وتكفي الخطوب إنهم إذا لقوم خاسرون .

السؤال الثالث : ما المراد من قولهم : { إنا إذا لخاسرون } .

الجواب فيه وجوه : الأول : خاسرون أي هالكون ضعفا وعجزا ، ونظيره قوله تعالى : { لئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون } أي لعاجزون : الثاني : أنهم يكونون مستحقين لأن يدعى عليهم بالخسارة والدمار ، وأن يقال خسرهم الله تعالى ودمرهم حين أكل الذئب أخاهم وهم حاضرون . الثالث : المعنى أنا إن لم نقدر على حفظ أخينا فقد هلكت مواشينا وخسرناها . الرابع : أنهم كانوا قد أتعبوا أنفسهم في خدمة أبيهم واجتهدوا في القيام بمهماته وإنما تحملوا تلك المتاعب ليفوزوا منه بالدعاء والثناء فقالوا : لو قصرنا في هذه الخدمة فقد أحبطنا كل تلك الأعمال وخسرنا كل ما صدر منا من أنواع الخدمة .

السؤال الرابع : أن يعقوب عليه السلام اعتذر بعذرين فلم أجابوا عن أحدهما دون الآخر ؟

والجواب : أن حقدهم وغيظهم كان بسبب العذر الأول ، وهو شدة حبه له فلما سمعوا ذكر ذلك المعنى تغافلوا عنه .